وكان شديدًا على الصوفية حتى عرف بذلك، وتكلم في مسألتي التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وزيارة القبور على طريقة الشيخ تقي الدين وهي طريقة السلف، وامتحن في ذلك وطلبه الأخنائي، فأحضره وسجنه وقامت عليه العامة لحطه على الصوفية وعقد له مجلس بين يدي السطان سنة ٧٢٥، فأثنى عليه بدر الدين بن جنكلي وبدر الدين بن جماعة، وعارضهم الأمير أيدمر الحظيري، فحط عليه وعلى شيخه وتفاوض هو وجنكلي حتى كادت تكون فتنة، ففوض السلطان الأمر لأرغون النائب فأغلظ القول للفخر ياظر الجيش، وذكر أنه يسعى للصوفية بغير علمٍ، وأنهم تعصبوا عليه بالباطل، فآل الأمر إلى تمكين المالكي منه، فضربه بحضرته ضرباً مبرحاً حتى أدماه ثم شهره على حمار أركبه مقلوباً، ثم نودي عليه هذا جزاء من يتكلم في حق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكادت العامة تقتله ثم أعيد إلى السجن، ثم شفع فيه فآل أمره إلى أن سفر من القاهرة إلى الخليل فرحل بأهله وأقام به وتردد إلى دمشق.
وهذا حال العامة والغوغاء مع دعاة الحق في كل زمان ولله سنة كونية في خلقه أن ينصر أولياءه ويعلي كلمته فيبين الحق وترتفع الدرجات وتمحص الصدور، والله المستعان.
وله رسالة مهذبة رائقة بعثها إلى تلامذة شيخ الإسلام، قال فيها:"ومن أراد عظيم الأجر التام، ونصيحة الأنام، ونشر علم هذا الإمام، الذي اختطفه من بيننا محتوم الحمام، ويخشى دروس كثير من علومه المتفرقة الفائقة، مع تكرار مرور الليالي والأيام، فالطريق في حقه هو الاجتهاد العظيم على كتابة مؤلفاته الصغار والكبار على جليتها من غير تصرف فيها ولا اختصار، ولو وجد فيها