للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي بحر آراء العقائدِ أغرقوا ... رمتهم خيالاتُ العقولِ السخيفةِ

وكم قد أراهم كلَّهم سبلَ الهدى ... وكم قد نهاهم مرةً بعدَ مرةِ

فمن كان قطبَ الكونِ في حالِ عصرِهِ ... سواه ومن قد فاز بالبدليةِ

شجاعٌ همامٌ بارعٌ في صفاتِهِ ... يرومُ مرامًا في المراقي العليةِ

تزهَّدَ في كلِّ الوجودِ وغيرِهِ ... يدورُ على الدنيا بنفسٍ دنيةِ

يجود على المسكينِ في حالٍ عسرِهِ ... بأطمارِهِ في حبِّ باري البريّةِ

ويلقى لمن يلقاه بالبشرِ والرضا ... بأوصافِهِ الحسنى ونفسٍ زكيةِ

ويدعو لمن قد نال من ثلم عرضِهِ ... ولم ينتقم ممن أتى بالأذيةِ

يسارعُ في الخيراتِ سرًّا وجهرةً ... ويلهو عن اللذاتِ في كلِّ طرفةِ

يجاهدُ في اللهِ الكريمِ بجهدِهِ ... بصدقٍ وإخلاصٍ وعزمٍ ونيةِ

ويأمرُ بالمعروفِ حبًّا لربِّهِ ... وينهى عن الفحشاءِ نهيًا بهمةِ

تقيٌّ نقيٌّ طاهرُ الذيلِ مذ نشا ... كريمُ السجايا ذو صفاتٍ حميدةِ

أليس الذي قد شاع في الكون ذكرُهُ ... وعمَّ البرايا بالفتاوى العظيمةِ

فمن كان تاجَ العارفين لوقتنا ... وشيخَ الهدى قل لي بغير حميةِ

هو الحبرُ والقطبُ الذي شاع ذكره ... وفاح شذاه كالعبيرِ المفتَّتِ

إذا ما ذكرنا حالَهُ وصفاتِهِ ... كأنَّا حللنا في نعيمٍ وروضةِ

تهنأ أبا العباس بالقربِ والرِّضا ... لقد نلت ما ترجو بكل مسرةِ

ألا يا تقيَّ الدينِ يا فردَ عصرِهِ ... بروقك قد لاحت كشمسٍ مضيئةِ

وبانت لكلِّ الناسِ أوصافُك التي ... برزت بها مثلَ العيونِ الغزيرةِ

ظهرت بأنواعِ العلومِ وجنسِها ... وسارت بها الركبان في كلِّ بلدةِ

فأظهرتَ ما قد كان للناسِ خافيا ... بكلِّ معانٍ والفنونِ الغريبةِ

<<  <   >  >>