للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِشَيْءٍ إِلا أَنْ تَدْعُوَ اللَّهَ إِذَا أَلْقَيْتُهَا أَنْ يَكُونَ مَا أُرِيدُ؛ فَأَلْقَاهَا وَدَعَا لَهُ هَارُونُ وَقَالَ: أُرِيدُ أَنْ أُكَوِّنَ عِجْلا فَاجْتَمَعَ مَا كَانَ فِي الْحُفْرَةِ مِنْ مَتَاعٍ أَوْ حِلْيَةٍ أَوْ نَحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ فَصَارَ عِجْلا أَجْوَفَ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ لَهُ خُوَارٌ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلا وَاللَّهِ مَا كَانَ لَهُ صَوْتٌ قَطُّ إِنَّمَا كَانَتِ الرِّيحُ تَدْخُلُ مِنْ دُبُرِهِ ثُمَّ تَخْرُجُ مِنْ فِيهِ، وَكَانَ ذَلِكَ الصَّوْتُ مِنْ ذَلِكَ فَتَفَرَّقَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِرَقًا وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: يَا سَامِرِيُّ مَا هَذَا فَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ.

قَالَ: هَذَا رَبُّكُمْ! وَلَكِنَّ مُوسَى ضَلَّ الطَّرِيقَ.

وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: لا نُكَذِّبُ بِهَذَا حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى فَإِنْ كَانَ رَبَّنَا لَمْ نَكُنْ ضَيَّعْنَاهُ وَعَجَزْنَا فِيهِ حِينَ رَأَيْنَاهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَبَّنَا فَإِنَّا نَتَّبِعُ قَوْلَ مُوسَى.

وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: هَذَا عَمَلُ الشَّيْطَانِ وَلَيْسَ بِرَبِّنَا وَلا نُؤْمِنُ بِهِ وَلا نُصَدِّقُ.

وَأُشْرِبَ فِرْقَةٌ مِنْ قُلُوبِهِمُ التَّصْدِيقَ بِمَا قَالَ السَّامِرِيُّ فِي الْعِجْلِ وَأَعْلَنُوا التَّكْذِيبَ بِهِ فَقَالَ لَهُمْ هَارُونُ: {يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ} [طه: ٩٠] لَيْسَ هَكَذَا.

قَالُوا: فَمَا بَالُ مُوسَى وَعَدَنَا ثَلاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ أَخْلَفَنَا فَهَذِهِ الأَرْبَعُونَ قَدْ مَضَتْ؟ فَقَالَ سُفَهَاؤُهُمْ: أَخْطَأَ رَبَّهُ فَهُوَ يَطْلُبُهُ وَيَتَّبِعُهُ.

فَلَمَّا كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى وَقَالَ لَهُ مَا قَالَ أَخْبَرَهُ بِمَا لَقِيَ قَوْمُهُ مِنْ بَعْدِهِ {فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا} [طه: ٨٦] فَقَالَ لَهُمْ: مَا سَمِعْتُمُ الْقُرْآنَ {وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ} [الأعراف: ١٥٠] وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ ثُمَّ أَنَّهُ عَذَرَ أَخَاهُ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ وَانْصَرَفَ إِلَى السَّامِرِيِّ فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ.

قَالَ: قَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ وَفَطِنْتُ لَهَا وَعَمِيَتْ عَلَيْكُمْ فَقَذَفْتُهَا {وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي {٩٦} قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا {٩٧} } [طه: ٩٦-٩٧] وَلَوْ كَانَ إِلَهًا لَمْ تَخْلُصْ إِلَى ذَلِكَ مِنْهُ.

فَاسْتَيْقَنَ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَاغْتَبَطَ الَّذِينَ كَانَ رَأْيُهُمْ فِيهِ مِثْلُ رَأْيِ هَارُونَ وَقَالُوا جَمَاعَتُهُمْ لِمُوسَى: سَلْ لَنَا رَبَّكَ أَنْ يَفْتَحَ لَنَا بَابَ تَوْبَةٍ نَصْنَعُهَا فَتُكَفِّرُ لَنَا مَا عَمِلْنَا.

فَاخْتَارَ قَوْمُهُ سَبْعِينَ رَجُلا لِذَلِكَ لإِتْيَانِ الْجَبَلِ مِمَّنْ لَمْ يُشْرِكْ فِي الْعِجْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>