قَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مِيضَأَةٌ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ.
قَالَ: «جِئْ بِهَا» .
فَجَاءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَسَحَهَا بِكَفَّيْهِ وَدَعَا بِالْبَرَكَةِ ثُمَّ قَالَ لأَصْحَابِهِ: «تَعَالَوْا فَتَوَضَّئُوا» .
فَجَاءُوا فَجَعَلَ يَصُبُّ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَضَّئُوا.
وَأَذَّنَ رَجُلٌ مِنْهُمْ وَأَقَامَ.
قَالَ: فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَصَاحِبِ الْمِيضَأَةِ: «ازْدَهِرْ بِمِيضَأَتِكَ فَسَيَكُونُ لَهَا نَبَأٌ» .
فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ قَبْلَ النَّاسِ فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: «مَا تَرَوْنَ النَّاسَ فَعَلُوا» .
قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
قَالَ لَهُمْ: «إِنَّ فِيهِمْ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَسَيُرْشِدَانِ النَّاسَ» .
فَقَدِمَ النَّاسُ وَقَدْ سَبَقَ الْمُشْرِكُونَ إِلَى ذَلِكَ الْمَاءِ فَشَقَّ عَلَى النَّاسِ فَعَطِشُوا عَطَشًا شَدِيدًا وَرِكَابُهُمْ وَدَوَابُّهُمْ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيْنَ صَاحِبُ الْمِيضَأَةِ» ؟ قَالَ: هَا هُوَ ذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: «جِئْ بِمِيضَأَتِكَ» .
فَجَاءَ بِهَا وَفِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ.
فَقَالَ لَهُمْ كُلِّهِمْ: «تَعَالَوْا فَاشْرَبُوا» فَجَعَلَ يَصُبُّ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى شَرِبُوا كُلُّهُمْ وَسَقَوْا دَوَابَّهُمْ وَرِكَابَهُمْ وَمَلئُوا كُلَّ إِدَاوَةٍ وَقِرْبَةٍ مُزَادَةٍ ثُمَّ نَهَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ إِلَى الْمُشْرِكِينَ؛ فَبَعَثَ اللَّهُ رِيحًا فَضَرَبَتْ وُجُوهَ الْمُشْرِكِينَ وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى نَصْرَهُ وَأَمْكَنَ مِنْ أَدْبَارِهِمْ فَقَتَلُوا مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً وَأَسَرُوا أَسْرَى كَثِيرَةً وَاسْتَاقُوا غَنَائِمَ كَثِيرَةً وَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ وَافِرِينَ صَالِحِينَ
.