قَالَ: فَكَتَبَ الْحَكَمُ إِلَى الْحَجَّاجِ: أَنَّ رَجُلا مِنْ بَنِي ضَبَّةَ قَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ: الصَّلاةُ.
وَأَنَا أَخْطُبُ وَقَدْ شَهِدَ الشُّهُودُ الْعُدُولُ عِنْدِي أَنَّهُ مَجْنُونٌ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ إِنْ كَانَتْ قَالَتِ الشُّهُودُ الْعُدُولُ أَنَّهُ مَجْنُونٌ فَخَلِّ سَبِيلَهُ وَإِلا فَاقْطَعْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَاسْمِرْ عَيْنَيْنِ وَاصْلُبْهُ.
قَالَ: فَشَهِدُوا عِنْدَ الْحَكَمِ أَنِّي مَجْنُونٌ فَخَلَّى عَنِّي.
قَالَ الْمُعَلَّى عَنْ يَزِيدَ الضَّبِّيِّ: مَاتَ أَخٌ لَنَا فَتَبِعْنَا جَنَازَتَهُ؛ فَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ، فَلَمَّا دُفِنَ تَنَحَّيْتُ فِي عِصَابَةٍ فَذَكَرْنَا اللَّهَ وَذَكَرْنَا مَعَادَنَا فَإِنَّا كَذَلِكَ إِذْ رَأَيْنَا نَوَاصِيَ الْخَيْلِ وَالْحِرَابَ، فَلَمَّا رَآهُ أَصْحَابِي قَامُوا وَتَرَكُونِي وَحْدِي فَجَاءَ الْحَكَمُ حَتَّى وَقَفَ عَلَيَّ فَقَالَ: مَا كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟ قُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ مَاتَ صَاحِبٌ لَنَا فَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ وَدُفِنَ فَقَعَدْنَا نَذْكُرُ رَبَّنَا وَنَذْكُرُ مَعَادَنَا وَنَذْكُرُ مَا صَارَ إِلَيْهِ.
قَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَفِرَّ كَمَا فَرُّوا؟ قُلْتُ أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ أَنَا أَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ سَاحَةً وَآمَنُ لِلأَمِيرِ مِنْ أَنْ أَفِرَّ.
قَالَ: فَسَكَتَ الْحَكَمُ.
فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكَ بْنُ الْمُهَلَّبِ وَكَانَ عَلَى شُرْطَتِهِ تَدْرِي مَنْ هَذَا؟ قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا الْمُتَكَلِّمُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.
قَالَ: فَغَضِبَ الْحَكَمُ وَقَالَ: أَمَا إِنَّكَ لَجَرِيءٌ؛ خُذَاهُ فَضَرَبَنِي أَرْبَعَ مِائَةِ سَوْطٍ فَمَا دَرَيْتُ حِينَ تَرَكَنِي مِنْ شِدَّةِ مَا ضَرَبَنِي قَالَ: وَبَعَثَنِي إِلَى وَاسِطٍ فَكُنْتُ فِي دِيمَاسِ الْحَجَّاجِ حَتَّى مَاتَ الْحَجَّاجُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute