قَالَ: فَجَاءَ يَحْمِلُ قِرْبَةً حَتَّى أَتَى بِهَا نَخْلَةً فَعَلَّقَهَا عَلَى كِرْنَافَةٍ مِنْ كَرَانِيفِهَا ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ: مَرْحَبًا وَأَهْلا مَا زَارَ النَّاسَ أَحَدٌ قَطُّ مِثْلُ مَنْ زَارَنِي.
ثُمَّ قَطَعَ لَنَا عَذْقًا فَأَتَانَا بِهِ فَجَعَلْنَا نَنْتَفِي مِنْهُ فِي الْقَمَرِ فَنَأْكُلُ ثُمَّ أَخَذَ الشَّفْرَةَ فَجَالَ فِي الْغَنَمِ.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ - أَوْ - إِيَّاكَ وَذَوَاتِ الدَّرِّ» .
فَأَخَذَ شَاةً فَذَبَحَهَا وَسَلَخَهَا وَقَالَ لامْرَأَتِهِ: فَطَبَخَتْ وَخَبَزَتْ وَجَعَلَ يَقْطَعُ فِي الْقِدْرِ مِنَ اللَّحْمِ فَأَوْقَدَ تَحْتَهَا حَتَّى بَلَغَ اللَّحْمُ وَالْخُبْزُ، فَثَرَدَ ثُمَّ غَرَفَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَرَقِ وَاللَّحْمِ ثُمَّ أَتَانَا بِهِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ أَيْدِينَا فَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا ثُمَّ قَامَ إِلَى الْقِرْبَةِ وَقَدْ سَفَعَتْهَا الرِّيحُ فَبَرَدَ فَصَبَّ فِي الإِنَاءِ ثُمَّ نَاوَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَاوَلَ أَبَا بَكْرٍ فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَ عُمَرَ فَشَرِبَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ خَرَجْنَا لَمْ يُخْرِجْنَا إِلا الْجُوعُ ثُمَّ رَجَعْنَا وَقَدْ أَصَبْنَا هَذَا لَتُسْأَلُنَّ، عَنْ هَذَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَذَا مِنَ النَّعِيمِ» .
ثُمَّ قَالَ لِلْوَاقِفِيِّ: «مَا لَكَ خَادِمٌ يَسْقِيكَ الْمَاءَ» .
قَالَ: لا يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: «إِذَا أَتَانَا سَبْيٌ فَأْتِنَا حَتَّى نَأْمُرَ لَكَ بِخَادِمٍ» .
فَلَمْ يَلْبَثْ إِلا يَسِيرًا حَتَّى أَتَاهُ سَبْيٌ فَأَتَاهُ الْوَاقِفِيُّ فَقَالَ: «مَا جَاءَ بِكَ» ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَوْعِدُكَ الَّذِي وَعَدْتَنِي.
قَالَ: «هَذَا سَبْيٌ فَقُمْ فَاخْتَرْ مِنْهُ» .
قَالَ: كُنْ أَنْتَ الَّذِي يَخْتَارُ لِي.
قَالَ: «خُذْ هَذَا الْغُلامَ وَأَحْسِنْ إِلَيْهِ» .
قَالَ: فَأَخَذَهُ فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ.
فَقَالَتْ: مَا هَذَا؟ فَقَصَّ عَلَيْهَا الْقِصَّةَ.
فَقَالَتْ: فَأَيُّ شَيْءٍ قُلْتَ لَهُ.
قَالَ: قُلْتُ لَهُ: كُنْ أَنْتَ الَّذِي يَخْتَارُ لِي.