كَانَ يُحِبُّ الطِّيبَ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْحِنَّاءُ غَيْرَ دَاخِلٍ فِي جُمْلَةِ الطِّيبِ، وَهَذَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا رَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُعْجِبُهُ الْفَاغِيَةُ» قَالَ الْأَصْمَعِيُّ هُوَ نُورُ الْحِنَّاءِ كَذَا نَقَلَهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبِ وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الْفَاغِيَةُ مَا أَنْبَتَتْ الصَّحْرَاءُ مِنْ الْأَنْوَارِ الطَّيِّبَةِ الرَّائِحَةِ الَّتِي لَا تُزْرَعُ، فَعَلَى هَذَا لَا يُرَدُّ. قُلْت: وَلَا يُرَدُّ الْأَوَّلُ أَيْضًا لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ مَحَبَّتِهِ لِرَائِحَةِ النُّورِ وَبُغْضِهِ لِرَائِحَةِ الْخِضَابِ. وَعَدَّ أَبُو حَنِيفَةَ الدِّينَوَرِيُّ فِي النَّبَاتِ: الْحِنَّاءَ مِنْ أَنْوَاعِ الطِّيبِ، وَعِنْدَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمَعْرِفَةِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ، عَنْ أُمِّهَا مَرْفُوعًا: «لَا تُطَيِّبِي وَأَنْتِ مُحْرِمَةٌ، وَلَا تَمَسِّي الْحِنَّاءَ فَإِنَّهُ طِيبٌ» .
(* * *) حَدِيثُ عُثْمَانَ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمُحْرِمِ هَلْ يَدْخُلُ الْبُسْتَانَ؟ قَالَ: نَعَمْ وَيَشُمُّ الرَّيْحَانَ، رَوَيْنَاهُ مُسَلْسَلًا عَنْ طَرِيقِ الطَّبَرَانِيِّ وَهُوَ فِي الْمُعْجَمِ الصَّغِيرِ بِسَنَدِهِ إلَى جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ، وَأَوْرَدَهُ الْمُنْذِرِيُّ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الْمُهَذَّبِ مُسْنَدًا أَيْضًا، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: إنَّهُ غَرِيبٌ - يَعْنِي أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى إسْنَادِهِ -.
(* * *) حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ دَخَلَ حَمَّامَ الْجُحْفَةِ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَقَالَ: إنَّ اللَّهَ لَا يَعْبَأُ بِأَوْسَاخِكُمْ شَيْئًا. الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَفِيهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَخْبَرَنِي الثِّقَةُ إمَّا سُفْيَانُ وَإِمَّا غَيْرُهُ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ بِسَنَدِ إبْرَاهِيمَ.
قَوْلُهُ: وَلِلْجِمَاعِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ نَتَائِجُ، فَمِنْهَا فَسَادُ النُّسُكِ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ الصَّحَابَةِ انْتَهَى.
أَمَّا أَثَرُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، فَذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ بَلَاغًا عَنْهُمْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute