بِنَجَاسَةٍ تَحْدُثُ فِيهِ» أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقِ عَطِيَّةَ بْنِ بَقِيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَفِيهِ تَعَقَّبَ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ رِشْدِينَ بْنَ سَعْدٍ تَفَرَّدَ بِوَصْلِهِ، وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ، مِنْ طَرِيقِ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ مُرْسَلًا بِلَفْظِ: «الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ، إلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ أَوْ طَعْمِهِ» زَادَ الطَّحَاوِيُّ: أَوْ لَوْنِهِ، وَصَحَّحَ أَبُو حَاتِمٍ إرْسَالَهُ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ: هَذَا الْحَدِيثُ يَرْوِيه رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَخَالَفَهُ الْأَحْوَصُ بْنُ حَكِيمٍ، فَرَوَاهُ عَنْ رِشْدِينَ بْنِ سَعْدٍ مُرْسَلًا. وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ الْأَحْوَصِ، عَنْ رَاشِدٍ. قَوْلُهُ: قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَلَا يَثْبُتُ هَذَا الْحَدِيثُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَا قُلْت مِنْ أَنَّهُ إذَا تَغَيَّرَ طَعْمُ الْمَاءِ، وَرِيحُهُ، وَلَوْنُهُ كَانَ نَجِسًا، يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، مِنْ وَجْهٍ لَا يُثْبِتُ أَهْلُ الْحَدِيثِ مِثْلَهُ، وَهُوَ قَوْلُ الْعَامَّةِ لَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمْ خِلَافًا. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: اتَّفَقَ الْمُحَدِّثُونَ عَلَى تَضْعِيفِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ، إذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ، فَغَيَّرَتْ لَهُ طَعْمًا أَوْ لَوْنًا أَوْ رِيحًا، فَهُوَ نَجِسٌ.
قَوْلُهُ: " نَصَّ الشَّارِعُ عَلَى الطَّعْمِ وَالرِّيحِ، وَقَاسَ الشَّافِعِيُّ اللَّوْنَ عَلَيْهِمَا ". هَذَا الْكَلَامُ تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ الْمُهَذَّبِ، وَكَذَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ، وَكَأَنَّهُمَا لَمْ يَقِفَا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ اللَّوْنِ، وَلَا يُقَالُ: لَعَلَّهُمَا تَرَكَاهَا لِضَعْفِهَا؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ رَاعَيَا الضَّعْفَ لَتَرَكَا الْحَدِيثَ جُمْلَةً، فَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ، وَنَصَّ مَعَ ذَلِكَ فِيهِ عَلَى اللَّوْنِ فِي نَفْسِ الْخَبَرِ.
قَوْلُهُ: وَحَمَلَ الشَّافِعِيُّ الْخَبَرَ عَلَى الْكَثِيرِ، لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي بِئْرِ بُضَاعَةَ وَكَانَ مَاؤُهَا كَثِيرًا، وَهَذَا مَصِيرٌ مِنْهُ إلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي بِئْرِ بُضَاعَةَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، نَعَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute