صَدْرُ الْحَدِيثِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ دُونَ قَوْلِهِ: " خَلَقَ اللَّهُ " هُوَ فِي حَدِيثِ بِئْرِ بُضَاعَةَ، وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ الَّذِي هُوَ مَوْضِعُ الْحُجَّةِ مِنْهُ فَلَا، وَالرَّافِعِيُّ كَأَنَّهُ تَبِعَ الْغَزَالِيُّ فِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى: لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَا سُئِلَ عَنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ، قَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ الْمَاءَ طَهُورًا لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ، إلَّا مَا غَيَّرَ لَوْنَهُ، أَوْ طَعْمَهُ، أَوْ رِيحَهُ» وَكَلَامُهُ مُتَعَقَّبٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَقَدْ تَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي الْمُخْتَصَرِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْعَامِّ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
(تَنْبِيهٌ) : وَقَعَ لِابْنِ الرِّفْعَةِ أَشَدُّ مِنْ هَذَا الْوَهْمِ، فَإِنَّهُ عَزَا هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ إلَى رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد، فَقَالَ: وَرِوَايَةُ أَبِي دَاوُد: «خَلَقَ اللَّهُ الْمَاءَ طَهُورًا لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ، إلَّا مَا غَيَّرَ طَعْمَهُ، أَوْ رِيحَهُ» وَوَهَمَ فِي ذَلِكَ، فَلَيْسَ هَذَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد أَصْلًا.
(فَائِدَةٌ) : أَهْمَلَ الرَّافِعِيُّ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ لَا تُسْلَبُ طَهُورِيَّتُهُ بِالتَّغَيُّرِ الْيَسِيرِ، بِنَحْوِ الزَّعْفَرَانِ وَالدَّقِيقِ، وَعِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ هَانِئٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اغْتَسَلَ هُوَ وَمَيْمُونَةُ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ، مِنْ قَصْعَةٍ فِيهَا أَثَرُ الْعَجِينِ» .
وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ الزُّبَيْرِ، فِي غَسْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجْهَهُ مِنْ الدَّمِ، الَّذِي أَصَابَهُ بِأُحُدٍ، بِمَاءِ آجِنٍ. أَيْ مُتَغَيِّرٍ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ
٤ - (٤) - حَدِيثُ: «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا» . الشَّافِعِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute