حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ: «إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا عَلِيًّا إلَى الْإِسْلَامِ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ دُونِهَا، فَأَجَابَ وَلَمْ يَعْبُدْ وَثَنًا قَطُّ لِصِغَرِهِ» .
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «سَبَقْتُكُمْ إلَى الْإِسْلَامِ طُرًّا صَغِيرًا مَا بَلَغْت أَوَانَ حُلُمِي» . وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَفَعَ الرَّايَةَ إلَى عَلِيٍّ يَوْمَ بَدْرٍ» وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَتْ بَدْرُ بَعْدَ الْمَبْعَثِ بِأَرْبَعِ عَشْرَةَ سَنَةً، فَيَكُونُ فِي الْمَبْعَثِ سِتَّةُ أَوْ سَبْعَةُ أَعْوَامٍ وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ عَلِيًّا أَسْلَمَ وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ: أَنَّ عَلِيًّا أَسْلَمَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ. وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ لَهُ حِينَ أَسْلَمَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. فَقَدْ ضَعَّفَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ لَمْ يُجَاوِزْ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ، وَاخْتُلِفَ فِيمَا دُونَهَا فَلَوْ صَحَّ قَوْلُ الْحَسَنِ لَكَانَ عُمْرُهُ ثَمَانِيًا وَسِتِّينَ.
قُلْت: قَدْ قِيلَ: إنَّ عُمُرَهُ كَانَ خَمْسًا وَسِتِّينَ، فَإِذَا قُلْنَا بِمَا رَوَاهُ رَبِيعَةُ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَامَ بِمَكَّةَ بَعْدَ الْمَبْعَثِ عَشْرَ سِنِينَ» . فَيَتَخَرَّجُ قَوْلُ الْحَسَنِ عَلَى وَجْهٍ مِنْ الصِّحَّةِ، وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ غَيْرَهُ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ فِي أَوَّلِ الْبَعْثَةِ كَانَ مَحْكُومًا بِصِحَّتِهِ، ثُمَّ وَرَدَ الْحُكْمُ بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْحَسَنِ فَلَا إشْكَالَ، وَأَغْرَبُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ كَانَ عُمُرُهُ ثَمَانِيًا وَخَمْسِينَ سَنَةً، فَإِنْ قُلْنَا بِالْمَشْهُورِ كَانَ عُمُرُهُ عِنْدَ الْمَبْعَثِ خَمْسَ سِنِينَ أَوْ سِتًّا. وَإِنْ قُلْنَا بِقَوْلِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَنَسٍ، كَانَ ابْنَ ثَمَانٍ أَوْ تِسْعٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَاحْتَجَّ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى صِحَّةِ إسْلَامِ الصَّبِيِّ بِحَدِيثِ أَنَسٍ: «كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» - الْحَدِيثَ - وَفِيهِ: «أَنَّهُ مَرِضَ فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمَ» . وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَبِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ عُرِضَ الْإِسْلَامُ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute