شِئْتَ كُنْتَ نَبِيًّا مَلِكًا، وَإِنْ شِئْتَ عَبْدًا، فَأَشَارَ إلَيَّ جِبْرِيلُ: أَنْ ضَعْ نَفْسَك، فَقُلْتُ: نَبِيًّا عَبْدًا، فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَأْكُلُ مُتَّكِئًا، وَيَقُولُ: آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ، وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ» . وَلِلْبَيْهَقِيِّ فِي الشُّعَبِ وَالدَّلَائِلِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةٍ قَالَ فِيهَا: «فَمَا أَكَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ تِلْكَ الْكَلِمَةِ طَعَامًا مُتَّكِئًا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ» . وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِلَفْظِ «قَطُّ» بَدَلَ: «حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ» وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ بَقِيَّةَ، عَنْ الزُّبَيْدِيِّ، وَقَدْ صَرَّحَ، وَوَافَقَهُ مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا.
(فَائِدَةٌ) :
لَمْ يَثْبُتْ دَلِيلُ الْخُصُوصِيَّةِ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ أَدَبٌ مِنْ الْآدَابِ، وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ كَانَ غَيْرَ مُحَرَّمٍ عَلَيْهِ ابْنُ شَاهِينِ فِي نَاسِخِهِ.
(تَنْبِيهٌ) :
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْمُتَّكِئُ هُوَ الْجَالِسُ مُعْتَمِدًا عَلَى وِطَاءٍ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: الْمُرَادُ بِالِاتِّكَاءِ عَلَى أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ.
١٥٤٦ - (٨) - قَوْلُهُ: وَمِمَّا عُدَّ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ الْخَطُّ وَالشِّعْرُ، وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ الْقَوْلُ بِتَحْرِيمِهِمَا مِمَّنْ يَقُولُ: إنَّهُ كَانَ يُحْسِنُهُمَا ثُمَّ اسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [العنكبوت: ٤٨] وَبِقَوْلِهِ: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: ٦٩] وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ الْأُولَى عَلَى ذَلِكَ نَظَرٌ، وَاسْتَدَلَّ غَيْرُهُ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمُخَرَّجِ فِي الصَّحِيحِ بِلَفْظِ: «إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ» .
- الْحَدِيثَ - وَقَالَ الْبَغَوِيّ فِي التَّهْذِيبِ: قِيلَ: كَانَ يُحْسِنُ الْخَطَّ وَلَا يَكْتُبُ، وَيُحْسِنُ الشِّعْرَ وَلَا يَقُولُهُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ كَانَ لَا يُحْسِنُهُمَا، وَلَكِنْ كَانَ يُمَيِّزُ بَيْنَ جَيِّدِ الشِّعْرِ وَرَدِيئِهِ. انْتَهَى.
وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ صَارَ يَعْلَمُ الْكِتَابَةَ بَعْدَ أَنْ كَانَ لَا يَعْلَمُهَا، وَأَنَّ عَدَمَ مَعْرِفَتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute