وَبِذَلِكَ يُجْمَعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ: «لَا أَعْلَمُ مَا وَرَاءَ جِدَارِي هَذَا» .
١٥٧٣ - (٩) - قَوْلُهُ: " وَتَطَوُّعُهُ بِالصَّلَاةِ قَاعِدًا، كَتَطَوُّعِهِ قَائِمًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ ". فِيهِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ، وَلِمُسْلِمٍ بِلَفْظِ: «أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ فَوَجَدْته يُصَلِّي جَالِسًا، فَقُلْت: حُدِّثْت أَنَّك قُلْت: صَلَاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا عَلَى نِصْفِ الصَّلَاةِ، وَأَنْتَ تُصَلِّي قَاعِدًا، قَالَ: أَجَلْ، وَلَكِنْ لَسْت كَأَحَدِكُمْ» .
قَوْلُهُ: وَمُخَاطَبَةُ الْمُصَلِّي لَهُ بِقَوْلِهِ: السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ، يَعْنِي فِي التَّشَهُّدِ، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ مُنِعَ مِنْ مُخَاطَبَةِ الْآدَمِيِّ بِقَوْلِهِ: «إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
قَوْلُهُ: " وَيَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي إذَا دَعَاهُ أَنْ يُجِيبَهُ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ ".
تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ، وَيَلْتَحِقُ بِدُعَائِهِ الشَّخْصَ الْمُصَلِّيَ.
وَوُجُوبُ إجَابَتِهِ، مَا إذَا سَأَلَ مُصَلِّيًا عَنْ شَيْءٍ فَإِنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ إجَابَتُهُ، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَهَذَا فَرْعٌ حَسَنٌ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ كَلَّمَهُ مُصَلٍّ ابْتِدَاءً، هَلْ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ أَوْ لَا، مَحَلُّ نَظَرٍ.
قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ رَفْعُ صَوْتِهِ فَوْقَ صَوْتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} [الحجرات: ٢] وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ تَوَعَّدَ عَلَى ذَلِكَ بِإِحْبَاطِ الْعَمَلِ فَدَلَّ عَلَى التَّحْرِيمِ، بَلْ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَغْلَظِ التَّحْرِيمِ.
وَفِي الصَّحِيحِ: أَنَّ عُمَرَ قَالَ لَهُ: لَا أُكَلِّمُك بَعْدَ هَذَا إلَّا كَأَخِي السِّرَارِ. وَفِيهِ قِصَّةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ، وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ فِي الصَّحِيحِ: «أَنَّ نِسْوَةً كُنَّ يُكَلِّمْنَهُ عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ» ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَبْلَ النَّهْيِ.
قَوْلُهُ: وَأَنْ يُنَادِيَهُ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ، دَلِيلُهُ الْآيَةُ أَيْضًا.
وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ قَوْلِهِ بِأَنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ، أَيْ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ أَلَّا يُفْعَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute