((وليؤمكم أكثركم قرآناً)) والقصة تدل على أن المراد بالأكثر قرآناً والمراد بالأقرأ كما سيأتي في الحديث اللاحق حديث أبي مسعود أنه الأحفظ؛ لأنهم بحثوا ونظروا فلم يكن أحد أكثر قرآن منه، من هذا الصبي، ولذا قدم على غيره مع وجود من هو أكبر منه، والسن له دور في التقديم كما سيأتي، فدل على أن الأهم في الإمامة أن يكون أكثر قرآناً، يعني أحفظ للقرآن، لكن القرآن له متعلقات فمن الناس من يحفظ حروفه، لا على الوجه الشرعي، يحفظ لكن عنده أخطاء كثيرة في الأداء، ومن الناس من هو أكثر ولا يفهم معانيه، ومن الناس من هو أكثر قرآناً ولا يعمل بما تضمنه من أوامر ونواهي، فهل معنى الحديث هذا والحديث الذي يليه:((أقرأهم لكتاب الله)) أنه الأحفظ بغض النظر عن الوجوه الأخرى أو لا بد من توافر الجميع يكون أحفظ أكثر قرآن كما هو منطوق هذا الحديث، وهو أيضاً أعرف بكيفية أدائه ومعانيه وفهمه؟ وأيضاً أجود صوت مثلاً مما يرجح به أن يكون صوته له تأثير، يؤدي القرآن على الوجه المأمور به شرعاً، فلا شك أن هذه النصوص تحتمل كل ما يتعلق بالقرآن، وإن كان حديثنا هذا صريح في أن المراد به أكثرهم جمعاً للقرآن، والسبب في كون هذا الصبي أكثرهم جمعاً للقرآن أنه يتلقى، يتقلى الركبان الذين يمرون بهم بقبيلتهم -حيهم- ممن وفد على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأخذ عنه شيئاً من القرآن، ورجع إلى قومه، هذا يتلقى الركبان، وهذا من التلقي المأمور به، لا التلقي المنهي عنه، تذهب الوفود إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فيتعلمون ما يتعلمون منه من قرآن وأحكام وسنة وآداب، ثم يعودون إلى قبائلهم وأحيائهم فيتلقاهم مثل هذا الحريص، فيأخذ عنهم ما سمعوه من النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا هو السبب في كونه أكثرهم قرآناً.