وعن أنس بن مالك خادم النبي -عليه الصلاة والسلام- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يتمنين أحدكم الموت)) يكثر ذكر الموت ليعمل ليحدوه ذلك إلى العلم، لكن ((لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به)) فيتعجل، يتعجل الموت لما يقاسيه من آلام ومشاق، وبعض الناس عنده ضيق شديد في الخلق لأدنى شيء يتمنى الموت له أو لغيره، أنت تدري أن الموت الذي تمنيته يقطع عنك الزاد الموصل إلى مرضاة الله -جل وعلا- وإلى جناته، خلاص إذا مت طويت الصحف، انقطع عملك إلا ما استثني، والمسلم كلما طال عمره وحسن عمله كان خيراً له، قيل لشخص من السلف يعني رجل من السلف كبرت سنه قيل له: هل تتمنى الموت؟ قال: لا أتمنى طول العمر، لماذا؟ يقول: الآن كنت غافل لما كنت في الشباب، لكن الآن إذا جلست قلت: بسم الله، إذا قمت قلت: كذا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، يعني غراس هو يغرس في هذه الحياة الدنيا، لكن الإنسان الذي يتصور الهدف الحقيقي من وجوده على هذه الحياة ويتمنى أن تكون عاقبته حسنة لا يتمنى انقطاع وقت الزرع، بل ليزداد من حياته لموته ((لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به)) لهذا السبب لا يتمنى لضر نزل به في بدنه في ولده في ماله، لكن لغير ذلك لغير الضر في أمور الدنيا لأمر من أمور الآخرة، رأى أسباب الفتن قد انعقدت، وغلب على ظنه أنه لا يثبت أمام هذه الفتن، فإذا خشي فتنة في دينه لا بأس أن يتمنى الموت خشية أن يفتن في دينه؛ لأنه ما يدري، هو يتمنى طول الحياة لا لذات الحياة وإنما ليغرس فيها ويعمل لآخرته، لكن إذا كان الغالب على ظنه أن يتضرر من هذه الحياة لا مانع، ومريم بنت عمران تمنت ذلك {يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا} [(٢٣) سورة مريم] لأن هذه فتنة في الدين، امرأة تأتي بولد من غير زوج! هذه يخشى عليها من الفتنة، إذا تسلط الناس عليها يخشى عليها أن تفتن في دينها، والإنسان لا يصبر على مثل هذه الأمور، المقصود أنه إذا وجد مبرر شرعي ديني وخشي الإنسان على دينه لا على دنياه له أن يتمنى، ومن ذلك تمنى الشهادة، والشهادة موت، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((وددت أني أقتل في سبيل الله، ثم أحيا فأقتل، ثم