أحيا ثم فأقتل، ثم أحيا ثم فأقتل)) ... إلى أخره، فهذه تمني، فإذا وجد مبرر شرعي لهذا التمني جاز، ولذا قال:((ليتمنين أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لا بد متمنياً)) يعني ما احتمل المصيبة التي يعيشها ((فإن كان لا بد متمنياً فليقل: اللهم أحييني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي)) هو لا يدري، ما يدري ماذا يحصل له؟ المستقبل غيب، لا يعرف المرء نتائجه، والله -جل وعلا- هو الذي يعلم الغيب، فيكل الأمر إلى الله -جل وعلا-، فيجعل الخيرة لله -جل وعلا- يختار له ما يصلحه في دينه وديناه، إن كانت الحياة خير له بمعنى أنه يزداد من الأعمال الصالحة الزاد الحقيقي الذي يوصله إلى الآخرة أحيني ما كانت الحياة خير لي بحيث أزداد فيها من الزاد الحقيقي، ((وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي)) لأن المسألة لا بد من المحاسبة، فإذا كانت نتيجة الحساب الحسنات غالبة على السيئات كانت الحياة خيراً للمرء، وإذا كان العكس فالوفاة خيراً له، يعني هذه الأيام والليالي التي ينتج عن مجموعها السنون، ومن مجموع السنين عمر الإنسان ظرف خزائن بحسب ما يودع فيها، فإن أودع الإنسان فيها الخير وسعى لفعل الخير، واجتهد لطلب الخير كانت خيراً له، وإذا كان الأمر بالعكس فرط في أعمال الخير، وارتكب بعض ما حرم الله عليه كانت الوفاة خيراً له، لكن الإنسان ما يدري عن المستقبل، هو ينوي الخير، لكن ما يدري ما يعرض له من شبهات وشهوات تحرفه عما تمناه، فالله –جل وعلا- يختار له وإذا نهينا عن تمنى الموت فمن باب أولى، هذا مجرد التمني، لا يجوز جاء النهي عنه هنا مجرد التمني فكيف بمباشرته؟! أما مباشرة الموت الذي هو إزهاق نفس هذا لا شك في تحريمه بغير حقه لا شك في تحريمه، وجاءت فيه النصوص المستفيضة من الكتاب والسنة، وكون الإنسان يباشر قتل نفسه إذا نهي عن مجرد التمني كونه أيضاً يباشر قتل نفسه أيضاً لا يوجد في النصوص ما يدل على جوازه، بل جاء في النصوص ما يدل على تحريمه والتشديد في أمره، ومن قتل نفسه بشيء جاء به يوم القيامة يكرر قتل نفسه هناك، من قتل نفسه بحديدة، من قتل نفسه بسم، يأتي به يوم القيامة، نسأل الله السلامة والعافية، فمباشرة