هذا الحديث فيه الأمر بلبس الأبيض من الثياب، وهو خير الثياب وأطيب وأطهر؛ لأن القذر يظهر فيها أكثر من غيرها فيسارع إلى تنظيفها وتطهيرها؛ لأن الألوان الأخرى قد يقع عليها شيء من الوسخ أو شيء من النجاسة أيضاً فلا يشعر به بينما البياض يشعر به إذا وقع عليه شيء، ولذا جاء وصفها بأنها أطيب وأطهر يمكن تطهيرها، ويرى ما يقع عليها بخلاف الألوان الأخرى.
((البسوا من ثيابكم البياض)) وقلنا: إنه إذا كان غالب ما عليه البياض فلا يضره أن يلبس معه غيره، ولذا لبس النبي –عليه الصلاة والسلام- غير البياض؛ لبيان أن هذا الأمر أمر استحباب، والذي يعتني بهذا الأمر لا يلبس إلا البياض لا شك أنه أسعد بمثل هذا النص، الذي لا يلبس إلا البياض حتى الغترة البيضاء والبشت الأبيض هو أسعد بهذا النص، لكن من يعتني بثوبه وجعله أبيض وجعل ما زاد على ذلك بلون أخر لا يثرب عليه، ومنهم من يقول: إنه في وقت من الأوقات وهذا قبل ثلاثين سنة معروف يعني اشتهر بين الناس أن الغترة البيضاء لا يلبسها إلا الناس الأقل في الاستقامة والالتزام، وأما أهل الفضل والخير والصلاح يلبسون الشماغ الأحمر، حتى كان جواب بعض أهل العلم بهذا، سئل قيل له: يا شيخ لماذا لا تلبس غترة بيضاء والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول:((البسوا من ثيابكم البياض)) فكان جوابه: لما لبستها أنت وأمثالك تركناها، لكن يبقى أن من يعنى بالبياض أسعد بمثل هذا النص.
((البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم)) لأنها أطيب وأطهر ((وكفنوا فيها موتاكم)) وتقدم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كفن بثلاثة أثواب بيض، وعرفنا أنه لو لم يرد إلا هذا النص لقلنا: إن الأصل في الأمر الوجوب، لكن لبس النبي -عليه الصلاة والسلام- غير الأبيض بلا شك، نعم.
قال -رحمه الله-:
وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه)) رواه مسلم.