((تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم)) في الفقراء، وهذا مصرف من المصارف الثمانية، فيجوز أن تصرف الزكاة في واحد من المصارف الثمانية، ولا يلزم توزيعها على الثمانية؛ لأنه نص على الفقراء، نعم هم أشد حاجةً، ولا شك أن المسكين يشاركه في الحاجة، ولا يعني أننا لا نصرف على المساكين حتى نعدم الفقراء، ولا نصرف على غيرهم، إنما الصدقات على الفقراء والمساكين ولا نعطي العامل حتى نعدم المساكين وهكذا، لكن التنصيص على الفقراء لشدة حاجتهم في فقرائهم من أغنيائهم، يعني أغنياء هذا البلد، وفي فقرائهم فقراء البلد نفسه، وهذا دليل من يقول: لا يجوز نقل الزكاة من بلدٍ إلى آخر، والذي يقول: من أغنيائهم أغنياء المسلمين والفقراء، فقراء المسلمين، والمسلم الغني يجب عليه ما يجب في أي بلدٍ كان، والفقير يجب له ما يجب في أي بلدٍ كان، فيجوز على هذا نقل الزكاة من بلدٍ إلى بلد، لا سيما إذا اشتدت الحاجة، وإلا فالخلاف معروف في نقل الزكاة، فالخلاف معروف إذا وجدت الحاجة في هذا البلد فهم أحق به من غيره، وإذا كانت الحاجة أشد في بلدٍ آخر من بلدان المسلمين فالنقل قال به جمع من أهل العلم، والنص محتمل، جاء في تكملة الحديث:((وتوقّ كرائم أموالهم)) ((واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)) فهذه الزكاة التي شرعت لرفع حاجة المحتاج ليست على حساب حاجة الأغنياء، فالشرع حينما يلحظ مصلحة الفقير لا يهدر مصلحة الغني، ولذا جاء بالأخذ من أوساط المال، فلا تؤخذ من الكرائم التي هي النفائس، إنما تؤخذ من أوساط المال، فإذا أخذ الساعي أو الوالي الزكاة من كرائم الأموال فهو ظالم، ولذا أردف النبي -عليه الصلاة والسلام- ذلك بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)) فعلى الساعي ومن يتولى جباية الزكاة أن يتقي الله -جل وعلا- في مصلحة الفقير بما لا يظلم فيه الغني.