((فإن غم عليكم))، الليلة محتملة على حد سواء أنها من شعبان أو من رمضان؛ لأن فيه حاجز، ((فاقدروا له ثلاثين))، هذه الرواية تفسر الرواية السابقة ولا تجعل هناك مجال للاجتهاد؛ لأن السنة يفسر بعضها بعضاً، إذا جاء اللفظ مجمل في السنة بين بالسنة، ((فاقدروا له))، ((فإن غم عليكم فاقدروا له ثلاثين))، فعلى هذا إذا لم ير الهلال أكملنا شعبان ثلاثين يوماً.
لمسلم:((فإن أغمي عليكم فاقدروا له ثلاثين))، غم أو أغمي ومنه الإغماء الذي يغطي العقل والتغمية هنا والإغماء ما يحول دون الهلال ويغطي الأبصار فلا تستطيع رؤيته، فاقدروا له ثلاثين.
وللبخاري ما هو أصرح من ذلك:((فأكملوا العدة ثلاثين))، أكملوا العدة ثلاثين، فاقدروا له، ابن عمر يرى أنه يضيق عليه، يضيق عليه، كيف يضيق عليه؟ يجعل شعبان تسعة وعشرين، ولذا كان ابن عمر يتراءى الهلال فإن لم يره لما يحول دونه أصبح صائماً، وهو عمدة المذهب؛ لأن ابن عمر هو راوي الحديث، عمدة المذهب عند الحنابلة في وجوب صوم يوم الثلاثين إذا حال دون الرؤية الغيم وما في حكمه.
قالوا ابن عمر يصبح صائم، وهو راوي الحديث والراوي أعرف ممن رواه، ولذا جاء في عبارتهم فإن حال دونه غيم أو غبار أو قتم فظاهر المذهب يجب صومه، والجمهور على أن هذا هو يوم الشك، هذا هو يوم الشك الذي من صامه فقد عصى أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-، وعامة أهل العلم وهو القول الصحيح الذي لا مرية في رجحانه أن هذا هو يوم الشك إن لم يكن هذا هو يوم الشك فأي يوم يكون يوم الشك؟ يعني إن لم يكن يوم الشك ليلة الثلاثين من شعبان مع عدم التمكن من الرؤية لما يحول من رؤيته، هذا هو يوم الشك إن لم يكن هذا هو يوم الشك فلا شك؛ لأنه إذا لم يجد ما يحول دون رؤيته ولم ير لا شك أن هذا اليوم من شعبان.
((إذا رأيتموه فصوموا))، وله من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: ((فأكملوا عدة شعبان ثلاثين)) ومعناه ما تقدم.