للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذن دخول رمضان يثبت برؤية الهلال، إذا تمت، إذا لم تتم الرؤية فإكمال شعبان ثلاثين يوماً ولا ثالث لهما، منهم من نزع إلى أن معنى فاقدروا له بالحساب، يعني يرجع إلى أقوال الحُسَّاب، فاقدروا، التقدير بالحساب، وهذا مذكور عن أبي العباس بن سريج من الشافعي، ويروى عن مطرف بن عبد الله التابعي الجليل، ويذكر عن ابن قتيبة.

يقول ابن عبد البر -رحمه الله تعالى-: أما مطرف بن عبد الله فلم يثبت عنه، وأما ابن قتيبة فليس ممن يعول عليه في هذا الباب، ويبقى أنه قول ابن سريج من الشافعية، والإجماع قائم على خلافه، وأنه لا عبرة بالحساب، وأنه ليس للأمة وسيلة لإثبات دخول الشهر إلا رؤية الهلال أو إكمال شعبان ثلاثين يوماً، ولا ثالث لهما، هذه المسائل الشرعية ولم نؤمر ولم نكلف بأكثر مما آتانا الله -جل وعلا- {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [(٧) سورة الطلاق]؛ فالأمة أمية لا تكتب ولا تحسب، الشهر هكذا وهكذا، يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين، وعلق الأمر بالصيام على الرؤية لا غير، أو بالإكمال، أما أن نتمحل ونتكلف أمور لم يكلفنا بها الشرع فلا حاجة لنا بذلك، الشرع كامل ولله الحمد والدين كمل قبيل وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، فلسنا بحاجة إلى وسائل ولا حساب والأمة أمية.

قد يقول قائل: كانت الأمة أمية لا تحسب ولا تكتب، لكن الآن صارت تحسب وتكتب وانتفت العلة، فنرجع إلى الحساب؟

نقول: لا أبداً، هذا وصف الأمة وإن وجد فيها من يكتب ويحسب.

{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ} [(٢) سورة الجمعة]، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أمي، وإن قرأت وإن كتبت فالأمة أمية بالخبر النبوي الصادق.

قد يقول قائل: لماذا لا نستعمل ما يعييننا على الرؤية من مراصد ودرابيل ومكبرات؟

نقول: لا يمنع من استعمالها، لكنها ليست بلازمة، لو أن الأمة ما وضعت هذه المكبرات، ولا هذه المراصد ولا هذه الدرابيل ما أزمت فوسائلها شرعية ونتائجها شرعية، ولا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها.

قد يقول قائل: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ما نستطيع الرؤية إلا بالمراصد والدرابيل؟