المرأة عموماً لها أن تنصرف، ولا شك أن جل النساء ضعيفات، والضعف ملازم لهن، فمن قال: أن النساء عموماً ينصرفن، لهن الانصراف، فله وجه؛ لأن عائشة ما لاحظت كونها ثقيلة كون سودة ثقيلة، وإنما تمنت لو استأذنت كما استأذنت سودة، ومع ذلك هي شابة خفيفة نشيطة، ليست بثبطة، ولا ثقيلة، ففهمت أن سبب الانصراف هو كونها من جنس النساء، وعلى كل حال من احتاج إلى أن ينصرف قبل الناس هذا عذره، أو كان معه من الضعفة ما يستحق أن ينصرف من أجله له ذلك؛ لكن لا يُتحايل بهذا على إسقاط السنن، لا يُتحايل بهذا على التنصل من السنن والاتباع، قد رأينا باص فيه ما يقرب من خمسين شخص، وليس معهم إلا امرأة واحدة، مكثوا قليلاً، قالوا: ننصرف، كيف تنصرفون وأنتم أقوياء أشداء؟ قالوا: معنا امرأة، وليس في الباص إلا هذه المرأة، وكأنهم جعلوها معهم للاحتيال على تطبيق السنة، ديننا -ولله الحمد- ليس بدين آصار، ولا أغلال، الدين يسر -ولله الحمد والمنة- لكن التحايل على التنصل من الأحكام الشرعية لا شك أنه مذموم، وما حرف اليهود -بنو إسرائيل- ما حرفوا النصوص إلى بالحيل، بالتحايل عليها، لارتكاب المحرمات، والتنصل على الواجبات، فكون الإنسان يحتال من أجل أن ينصرف الأمور بمقاصدها، وأنت تتعامل مع من لا تخفى عليه خافية، يعلم السر وأخفى؛ لكن إذا وجد معك من له الانصراف بالدليل الشرعي، وليس له من يقوم به سواك حينئذ لا بأس أن تنصرف معه، المبيت بالمزدلفة محل خلاف بين أهل العلم، منهم من يرى أنه ركن من أركان الحج، وهذا معروف عن علقمة والنخعي وبعض السلف لحديث عروة بن المضرس، وسيأتي، ومنهم من يرى أنه سنة كالمبيت في منى، والأكثر على أنه واجب من واجبات الحج، كونه واجب هو القول الوسط، ويدل له الإذن؛ لأن السنة لا يحتاج إلى إذن ولا استئذان، المندوب إذا احتيج إليه لا يحتاج إلى إذن ولا استئذان، والركن لا يؤذن فيه، مهما بلغ العذر، لو أن شخصاً في طريقه إلى عرفة حصل له ما حصل حادث أدخل إلى المستشفى إلى أن انتهى الوقوف، نقول: هذه حاجة؟ هذه ضرورة؛ لكن أدرك الحج وإلا فاته الحج؟ فاته الحج، الركن لا يؤذن فيه، والسنة لا يحتاج إلى إذن ولا استئذان، إذاً المبيت