للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشركة: بفتح الشين المعجمة، وكسر الراء على زنة سرقة، وقد تقال بإسكان الراء مع كسر الأول شِركة على وزن نعمة، وقد تقال بفتح أوله وثانيه، شَرَكة على وزن ثمرة، وهي في الأصل: الخلطة والاختلاط، اشتراك بين شيئين الخلط بينهما {وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ الْخُلَطَاءِ} [ص: ٢٤] المراد بهم: الشركاء {وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [ص: ٢٤] كثير من هؤلاء الذين تحصل بينهم الشركة والخلطة بسبب ما جبلت عليه النفوس من البغي والظلم والعدوان وحب الدنيا، وإيثار النفس يحصل البغي بينهم، وقوله: "كثير" يدل على أن هناك من يوفق للعدل والإنصاف من النفس؛ لأن الكثرة أو ذكر الكثير يدل على أن هناك ما يقابل الكثير وهو القليل، من ينصف من نفسه، ويبرأ من العهدة بيقين، وحقيق وخليق بالمسلم أن يكون كذلك، يكون منصفاً من نفسه، فيبرأ من عهدة ما أوجب الله عليه من حقوقه، وحقوق عباده بيقين، ليلقى الله -جل وعلا- وليست لديه مظلمة، والمظالم شأنها عظيم، البغي والعدوان على حقوق العباد، حقوق الله -جل وعلا- مبنية على المسامحة، لكن حقوق العباد مبنية على المشاحة، فعلى الإنسان أن يحرص على براءة ذمته، ولذا قال الله –جل-: {وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [ص: ٢٤] فاحرص أيها المسلم وأنت طالب علم تقضي وقتك بهذا المندوب، تقضي جل وقتك بصدد تحصيل هذا المندوب، فلئن تبرأ من عهدة ما أوجب الله عليك، وأن تتنصل عن ما حرم الله عليك من باب أولى، ويوجد من طلاب العلم، بل ممن ينتسب إلى العلم من هو صاحب تحري وتثبت، لكنه بالنسبة للنوافل مقل، ومنهم العكس تجده في باب الواجبات يلاحظ عليه ما يُلاحظ، وإن لم يكن شيئاً مخل خللاً بيناً، لكن تجد عنده شيء من التقصير، ويجبره بكثير من النوافل، فأيهما أولى وأحرى وأجدر؟ ((وما تقرب إلي عبدي بأحب مما افترضته عليه)) يبرأ من عهدة الفريضة والواجب بيقين، ثم بعد ذلك يلتفت إلى النوافل، والله المستعان.