الشركة تكون أحياناً عن اختيار، وأحياناً تكون لا عن اختيار، فالشركة عن الاختيار التي تُبدأ من قبل الطرفين بعد أن لم تكن، اختياراً منهما، يشترك زيد وعمرو بأن يدفع كل واحد من ماله جزءً فيخلطانه ويزاولان به التجارة، على أن تكون الأرباح بينهما، وأحياناً تكون لا عن اختيار بأن يرث زيد وعمرو بكراً، من تركته ما قدر له شرعاً فهذا شريك له في التركة، لكن هل هو باختياره أو لا عن اختياره؟ ليس عن اختيار.
باب: الشركة، الشركة لها أقسام عند أهل العلم وأنواع مما يتعلق بالأموال، ومنها ما يتعلق بالأبدان، والوكالة بفتح الواو وقد تكسر، مصدر وكّل يوكل توكيلاً ووكالة، والأصل فيها التفويض، تفويض الأمر، ومنها التوكل على الله -جل وعلا-، تفويض جميع الأمور إليه، كثيراً ما يقول الناس: الأصل أن يقال: توكلت على الله، {وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [(٢٣) سورة المائدة] والتوكل من أنواع العبادة التي لا يجوز صرفها إلا لله -جل وعلا-، التوكل الذي يتعبد به، لا يجوز صرفه، تفويض الأمور كلها لله -جل وعلا-، هذا نوع من أنواع العبادة، لكن التوكيل والاعتماد على المخلوق فيما يقدر عليه، فيما يقبل النيابة مثل هذا جاءت النصوص فيه، وعليه عمل المسلمين، وينوب بعضهم عن بعض حتى في بعض العبادات التي تقبل النيابة؛ لأن من العبادات ما يقبل النيابة، ومنها ما لا يقبل النيابة، وعرفوها في الاصطلاح: أنها إقامة شخص غيره مقام نفسه، إما مطلقاً وإما مقيداً، فهناك الوكالات العامة المطلقة، وهناك الوكالات الخاصة المقيدة، فإذا وكل على أمر من الأمور الخاصة وكله يبيع له هذه الأرض بعينها لا يتعدى ما وكل فيه، أما إذا وكله مطلقاً، تصرف عنه تصرفاً عاماً مطلقاً فمثل هذا إذا لم تدل القرائن على منعه من بعض الأمور، فالأصل العمل باللفظ، فيتزوج له، ويطلق عنه، لكن هناك أشياء لا تقبل النيابة، ما يقول: احلف عني، فضلاً عن كونه يصلي عنه، أو يصوم عنه في غير النذر، إذا مات وعليه صوم.