ننظر في معناه، يقول الله تعالى فيما يروى عنه:((أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه)) يعني هو معهما، الله -جل وعلا- مع الشريكين بالحفظ والرعاية والعناية، وتيسير الأمور؛ لأن هذه معية خاصة ((ما لم يخن أحدهما صاحبه)) فالخيانة شأنها عظيم تمحق البركة، وترفع هذه المعية الخاصة وتنافيها، والخيانة من صفة المنافقين، ومن علامات النفاق، إذا اؤتمن خان، والشريك لا شك أنه مؤتمن على أموال صاحبه، ويتمكن منها بحيث يستطيع أن يخون صاحبه، ولا يستطيع صاحبه إقامة البينة عليه، ولذا جاء التشديد في شأنه، ((أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خان خرجت من بينهما)) يعني وكلهما إلى نفسيهما وإلى جهدهم، ومحقت البركة من بينهم، هذا معنى الحديث يعني لو ثبت، وأهل العلم يتكلمون على الأحاديث ويشرحونها ويبينون معانيها ولو لم تثبت، إذا كانت هذه المعاني صحيحة، أولاً: يبينون ضعفها ولا يبنى عليها حكم من الأحكام، لكن الخيانة -مدلول الحديث- دلت عليها الأدلة الكثيرة، يعني الحديث لم يتفرد بذم الخيانة لنقول: إننا نبني عليها حكم من الأحكام، فالخيانة من خصال المنافقين -نسأل الله السلامة والعافية-، وتحرم مطلقاً، وإذا كانت بين شريكين لا يستطيع أحدهما إقامة البينة على صاحبه فإن أمرها يكون أشد؛ لأنه ما تستطاع إقامة البينة عليه أمره أسهل يقيم عليه البينة، ويؤخذ نصيبه، ويردع الخائن، لكن الذي لا يستطاع إقامة البينة عليه، ولذا صارت الخيانات بين من تكثر معاملته له من قريب من زوج أو زوجة أو والد أو ولد أو ما أشبه ذلك، أمرها شديد، والرجل مؤتمن على زوجته، ومؤتمن على ولده، وقد استرعاه الله -جل وعلا- على هذه الرعية، فإذا خانها استحق الوعيد الشديد الذي ورد في ذلك، المدرس مؤتمن فإذا خان هذه الأمانة استحق الوعيد وهكذا، فالخيانة ولو لم يرد هذا الحديث جاءت النصوص المتكاثرة المتظافرة بتحريمها، وجاء أيضاً النهي عنها ولو بدأ الطرف الآخر بالخيانة، فجاء في الحديث:((ولا تخن من خانك)).