ثم بعد هذا في الحديث الذي يليه حديث السائب بن أبي السائب المخزومي -رضي الله عنه- أنه كان شريك النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل البعثة في الجاهلية، فجاء يوم الفتح كي يسلم النبي -عليه الصلاة والسلام- مع مسلمة الفتح، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((مرحباً بأخي وشريكي)) فالترحيب بالضيف أمر مطلوب، وهو من إكرامه، ولا سيما إذا كانت بينك وبينه صلة ودالة، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- رحب بجمع من صحابته، فقال:((مرحباً بأم هانئ)) و ((مرحباً بابنتي)) لكن هل هذا اللفظ مما اكتفى به من رد السلام أو لا؟ في حديث أم هانئ جاءت والنبي -عليه الصلاة والسلام- يغتسل فقالت: السلام عليك يا رسول الله، يوم الفتح فقال:((مرحباً بأم هانئ)) ولم ينقل عنه أنه قال: وعليك السلام، حتى أن بعضهم قال: إن الترحيب يكفي عن رد السلام، وهو رد للتحية؛ لأنه لم ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- رد السلام على أم هانئ، وقال:((مرحباً بابنتي)) يعني فاطمة، وما نقل عنه أنه رد السلام، ومنهم من يقول: إنه لا بد من رد السلام بلفظه، والزيادة عليه مطلوبة {فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [(٨٦) سورة النساء] فأقل الأحوال أن ترد، وكون رد السلام لم ينقل لا يعني أنه لم يحصل؛ لأن هذا مما علم، فلا يحتاج إلى نقله، ونقل في نصوص أخرى يكتفى بها، يعني لا يلزم أن ينقل ما يتضمن الحكم الشرعي في كل مناسبة، إذا عرف الحكم وأن رد السلام لا بد منه يرد السلام، ويكتفى بما ثبت فيه، ولا يلزم أن يثبت في كل قضية.