للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

((مرحباً بأخي وشريكي)) السائب بن أبي السائب المخزومي هذا من المؤلفة قلوبهم، وحسن إسلامه بعد ذلك، وعمّر طويلاً، كان شريكاً للنبي -عليه الصلاة والسلام- قبل البعثة، وعاش بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- دهراً إلى زمن معاوية -رضي الله عنه-، جاز المائة قطعاً، النبي -عليه الصلاة والسلام- شاركه قبل البعثة، وعاش النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد البعثة ثلاث وعشرون سنة، وعاش هو بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- دهراً طويلاً، وهم ممن ذكر ممن عاش فوق المائة، ممن عمّر، جاء في مدحه: ((مرحباً بأخي وشريكي، كان لا يماري ولا يداري)) المماراة هي المجادلة والمخاصمة، فتكون أموره مبنية على المسامحة، الذي لا يماري ولا يخاصم ولا يجادل هذا من كانت أموره مبنية على المسامحة, ولا يداري هل هو من المداراة أو من المدارأة؟ هل هذا اللفظ من المداراة أو من المدارأة؟ لأنه إذا كان من المداراة يكون من المراعاة، مراعاة الأحوال وهذه مطلوبة، وإذا كان من المدارأة وهي المدافعة، إذا أراد شريكه شيئاً دفعه عنه فالمدارأة مذمومة، وأما المداراة وهي استعمال الأساليب المناسبة في الأوقات المناسبة من أجل تمشية الأمور فهذه لا بأس بها، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((بئس أخو العشيرة)) ولما دخل عنده، استأذن عليه ودخل انبسط معه، هذه يقال لها: مداراة، وهي مطلوبة في بعض الأحوال، بخلاف المداهنة، المداهنة التنازل عن شيء مما أوجب الله -جل وعلا- بحيث لا يفعل، أو ارتكاب محظور من أجل فلان أو علان، هذه مداهنة، {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [(٩) سورة القلم] ودوا لو تتنازل عن شيء من دينك، فالمداهنة لا تجوز بحال، والحديث فيه دليل على أن الشركة كانت موجودة قبل الإسلام، وأن الإسلام أبقاها؛ لأن هناك أعمال يعملها العرب في جاهليتهم، منها الحسن، وأبقاه الإسلام وأقره، ومنها السيئ والقبيح الذي نهى عنه وحذر منه، وعلى كل حال الحديث صحيح لغيره، يعني يحتج به، وجزم بعضهم بأنه حسن، وعلى كل حال هو في دائرة القبول والاحتجاج.

الحديث الذي يليه حديث عبد الله بن مسعود: