المريض والمسافر ما زال في دائرة التكليف، ما زال مكلفاً؛ لأن العقل موجود وثابت، أما من أصيب بخرفٍ أو جنون أو غيبوبة فإنه ارتفع عنه قلم التكليف، فإذا وجد منهم بعض التصرفات التي هي من آثار عمله السابق مثلما قلنا في درس العصر، مثلما قلنا سابقاً: إنه إن كانت هذه التصرفات من آثارٍ عملٍ له سابق فهو يثاب عليها، كمن يقرأ في حال الغيبوبة، ومن يذكر الله ومن يؤذن لا شك أنه يؤجر عليه، لا سيما على القول بأن الصبي يثاب على الحسنات، ولا يعاقب على السيئات.
يقول: أنا رجل مقيم في الشرقية وسافرت إلى جدة للعمل، ثم أتيت هنا للزيارة وسأعود إلى جدة، فهل صلاتي هنا صلاة مقيم أم مسافر؟ علماً بأن بقائي هنا لمدة يومٍ واحد فقط، وإذا صليت صلاة المسافر كأن جمعت الظهر والعصر اليوم .. فما حكم صلاتي؟
أنت إذا كانت هذه بلدك وموطنك ولك فيها بيت ولك فيها أهل فهي بلدك لا يجوز أن تترخص فيها؛ لأنك مقيم ولست بمسافر، ولو كانت إقامتك يوم أو أقل من يوم أو أكثر دون مدة القصر، فأنت مقيم، وإذا سافرت إلى جدة فأنت مسافر، فإذا أقمت الإقامة المعتبرة عند الجمهور أربعة أيام فحكمك حكم المقيم وإلا فلك أن تجمع وتقصر هناك لأنك مسافر.
يقول: قامت زوجتي بإرضاع أختها الصغيرة أكثر من عشر رضعات مشبعات فهل أصير أباً لها من الرضاعة، وتحرم عليّ؟ وهل تصير زوجي أماً لها من الرضاعة إذا كان ذلك في الحولين؟
نعم أنت أبوها وزوجتك أمها من الرضاعة، وتحرم عليك حينئذٍ، وتحرم على أولادك.
يقول: هل تجوز غيبة من عرف بظلمه أو عرف بفسقه؟
المظلوم له أن يدعو على ظالمه بقدر مظلمته، ومن عرف بفسقه لا شك أنه يحذر من العمل الذي يرتكبه، ولا داعي لكتمه، اللهم إلا إذا خيف من الاغترار به كالمبتدع الذي في السؤال الذي يليه، فإذا خيف من تأثيره على الناس فإنه حينئذٍ يحذر منه باسمه، أما إذا لم يخف منه ضرر متعدي على غيره فلا داعي لذكر اسمه؛ لأنه ما زال في دائرة الإسلام.