لا هو في الغالب ما يضل من بهيمة الأنعام ما يكون في البراري، والعادة ما جرت برعي البقر في البراري، إنما الذي يرعى في البراري هو الغنم والإبل فقط، وهي التي تضل عن صاحبها، أما بالنسبة للبقرة فهي توصد عليها الأبواب، إما في البيوت، أو في المزارع، أو ما أشبه ذلك، فيندر أن تضل البقرة، ولذا الحكم للغالب، وإلا فلو ضلت مثلاً فلها حكمها الشرعي "قال: فضالة الإبل؟ " ما حكمها؟ "قال: ((مالك ولها، معها سقاؤها)) " أي جوفها الكبير الذي هو بمنزلة السقاء بحيث إذا امتلأ من الماء لا خوف عليها من العطش، يعني لا يخشى عليها أن تموت من العطش ((وحذاؤها)) يعني خفها الذي يحتمل المشي الطويل في الحر والبرد، في السهول في الوعر، المقصود أن معها حذاء يقيها من الانقطاع، ويعينها على متابعة المشي حتى يجدها صاحبها ((ترد الماء، وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها)) فلا خوف عليها، ولا خطر عليها كما هو شأن الغنم، وحينئذٍ لا يجوز التقاط الإبل، وأما الغنم فكما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((هي لك أو لأخيك أو للذئب)) هل الأفضل للإنسان أن إذا وجد لقطة أن يلتقط أو يترك؟ إنسان وهو في طريقه إلى المسجد وجد بوك مملوء بالدراهم هل الأفضل أن يترك أو يلتقط ويعرف؟ المسألة تحتاج إلى شيء من التفصيل، فإن كان هذا الإنسان لديه القدرة على التعريف لمدة سنة، وأيضاً يأمن من نفسه أن تطمع فيها؛ لأن الإنسان مع طول الوقت يعني قد يرفضها في أول يوم ثاني يوم ثالث يوم تنازعه نفسه، ويعينها شيطانه، ثم بعد ذلك يقول: خلاص لو كان لها كان حاء ما جاي أحد، ثم يستعملها قبل أن يتم الحول، فمثل هذا الذي تنازعه نفسه ولا يأمن من نفسه مثل هذا اتركها في مكانها، أو ليست لديه قدرة على التعريف لمدة سنة، أما إذا كانت لديه القدرة على التعريف، ويأمن من نفسه أنها لا تنازعه في تملكها قبل الحول فإن هذا الأفضل له أن يلتقطها.
وعنه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من آوى ضالة فهو ضال ما لم يعرفها)) رواه مسلم.