للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"وعنه" أي عن زيد بن خالد "-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من آوى ضالة فهو ضال ما لم يعرفها)) " هذا فيه أن عدم الالتقاط أولى؛ لأنه وصف بالضلال نسأل الله السلامة والعافية؛ لكنه محمول على من لا يستطيع التعريف، والصبر عليها لمدة سنة، أو من تنازعه نفسه في تملكها قبل تمام الحول، أما من التقطها بنية التعريف لمدة حول مع كونه يأمن من نفسه أن تطمع فيها فمثل هذا التقاطه لها أفضل؛ لأنه يحفظها، واحتمال أن يأتي من يلتقطها ممن لا يؤمن عليها.

((من آوى ضالة فهو ضال ما لم يعرفها)) دل على أنه إذا عرفها وقام بما كلف به من هذا التعريف فإنه ليس بضال، بل هو محسن، معرفة اللقطة معرفة تامة اعرف عفاصها ووكاءها عرفنا أنه ليتم امتحان من يدعيها بذلك، وأيضاً ليعرفها من بين ماله، قد يكون عنده أموال في أكياس فإذا عرف هذا الكيس، وهذا الوعاء، وعرف هذا الوكاء تميزت عن أمواله، فعلى هذا إذا عرفها بعد أن عرَفَها حولاً كاملاً ساغ له أن يستعملها، إذا عرفها سنة ثم بعد ذلك لم تعرف فإنه حينئذٍ يستنفقها ويستعملها، وحينئذٍ تكون عنده في حكم المضمون بأنه لو أنفقها بعد سنة ثم جاءه بعد سنتين صاحبها فإنه يضمنها له ((فإذا جاء طالبها يوم من الدهر فأدها إليه)) كما جاء في بعض الروايات.

وعن عياض بن حمار -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من وجد لقطة فليشهد ذوي عدل؛ وليحفظ عفاصها ووكاءها ثم لا يكتم ولا يغيب، فإن جاء ربها فهو أحق بها وإلا فهو مال الله يؤتيه من يشاء)) رواه أحمد والأربعة إلا الترمذي، وصححه ابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: