للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما حق امرئٍ مسلم)) " و (ما) هذه نافية، يعني ليس من حقه أن يبيت دون وصية إذا كان له شيء يمكن أن يوصي به، والوصية منها ما هو واجب، ومنها ما هو مندوب، فالوصية الواجبة إذا كان عليه ديون، في ذمته التزامات للناس لا بد أن ينبه عليها، لا بد أن يكتبها، سواء كانت الديون للخالق أو المخلوق، في ذمته دين لله -جل وعلا- كفارة لا بد أن يكتب لئلا ينسى، فإن فرط ولم يكتب ونسي ومات فلا يسلم من التبعة، وإذا كان في ذمته حق لآدمي مبلغ من المال لآدمي أو مظلمة يكتبها لئلا ينساها، يكتب إذا كان قد أمضى شيئاً يؤثر في حياته الزوجية، إذا كان طلق مرة مثلاً، يكتب أنه طلق مرة، لماذا؟ لئلا يطول به العهد بعد عشرين سنة يطلق ثانية، ويكون قد نسي الأولى، ثم بعد ذلك يطلق ثالثة، فإذا قيّد هذه الطلقات وتقييدها لا سيما ممن يخشى على نفسه النسيان، وأن يقع فيما حرم الله عليه من وطء المرأة بعد بينونتها هذا يجب عليه أن يكتب.

((ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه)) سواء كان له أو عليه من باب أولى، إذا كان عليه يلزمه أن يكتب، وإذا كان له ديون على الناس إن كتبها فالأمر إليه، وإن تركها فالأمر إليه؛ لأنها إذا نسيها هو أو وارثه لا يلحقه شيء، بينما تلزم كتابتها من المدين الذي شغلت ذمته بهذا الدين ولا تبرأ إلا بسداده، فإذا لم يكتب كان عرضةً للنسيان، مثل هذا لا بد أن يوصي، له شيء يريد أن يوصي فيه، يعني له مال يريد أن يخرج منه شيئاً لله -جل وعلا- فإنه عليه أن يبادر ولا يتأخر.