((هو الطهور ماؤه الحل ميتته)): قد يقول قائل: إن الجواب المطابق للسؤال: أنتوضأ من ماء البحر؟ الجواب: نعم، الجواب: نعم، هذا هو المطابق، وأما قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((هو الطهور ماؤه الحل ميتته)) فغير مطابق للسؤال، ويشترطون في الجواب أن يكون مطابقاً للسؤال، لكن هنا الجواب الشافي الكافي حصل، ولم يبق للسائل أدنى تردد، بل أجيب بما يحتاج إليه وزيادة، فلو قيل: نعم لاحتيج إلى أسئلة أخرى، ولكن جاء الجواب الكافي الشافي العام الشامل لمن يحمل الماء القليل، ولمن يحمل الماء الكثير، ولمن لا يحمل الماء أصلاً، فأجيب السائل بما طلب، بل بأزيد مما طلب:((هو الطهور ماؤه الحل ميتته)): لم يسأل عن ميتة البحر فأجيب عن ذلك لشدة حاجة السائل إليه؛ لأن هذا السائل لما تردد في طهارة الماء فهو لا شك أنه بالنسبة لميتة البحر أشد تردداً، وأشد إشكالاً بعد أن عرفوا تحريم الميتة، ولا شك أنهم يحتاجون إلى الطعام كحاجتهم إلى الماء، فجاء هذا الجواب الشامل منه -عليه الصلاة والسلام-، والمطابقة إنما تشترط حينما ينقص الجواب عن مراد السائل، ولا يلزم المطابقة بحيث لا يزيد الجواب عن مراد السائل وطلبه.
البحر: المراد هو الماء أي في الأصل، لكن المراد به هنا مكانه، مكانه؛ لأن الضمير يعود إليه، يعود إلى البحر، ولو قلنا: إن المراد به الماء المستبحر الكثير المالح لاضطرب الكلام، لصار المعنى ماء البحر هو الطهور ماؤه، ماء البحر وليس ذلك بمراد، إنما المراد المكان، والظرف الحاوي لهذا الماء هو الطهور ماؤه أي الماء الواقع فيه.
والطهور ما يتطهر به –طَهُور- والطُّهور المصدر فعل المتطهر، وهو بمعنى التطهر، المصدر بمعنى التطهر، والطَّهور هو ما يتطهر به كالوضوء، الماء الذي يتوضأ به.