وفي رحلة ابن بطوطة لما قدم إلى بعض بلدان المشرق لاحظوا عليه أنه لا يقبض يديه في الصلاة، فاتهموه بالتشيع؛ لأن الشيعة لا يقبضون، فامتحنوه بالأرنب، قدموا له أرنب فأكل، فاستغربوا يأكل الأرنب فسألوه، فذكر أن الإرسال معروف عند المالكية، يعني لا يلزم من كونه يرسل أن يكون من الشيعة، فامتحنوه بالأرنب لأنهم لا يأكلونها، وعامة أهل العلم بل إجماع واقع على حل أكله، منهم من كره، أطلق القول بكراهتها، ولعلهم استندوا في ذلك إلى ما ذكر عن ابن عمر أنها تحيض، ولكن هذا ولو ثبت أنها تحيض لا يقتضي المنع من أكلها؛ لأن الدليل الصحيح الصريح جاء به، بالحل.
قال:"وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم– عن قتل أربع من الدواب: النملة والنحلة والهدهد والصرد" رواه أحمد وأبو داود، وصححه ابن حبان".
على كل حال الحديث صحيح، والمؤلف ساق هذا الحديث ليبين كغيره من أهل العلم من يرى أن النهي عن قتل الحيوان دليل على تحريمه، إذ لو كان مباحاً لما نهي عن قتله، وبالمقابل الأمر بقتله دليل على تحريمه أيضاً، النهي عن قتله قالوا: دليل على تحريم أكله، والأمر بقتله دليل على تحريم أكله، طيب ما الذي يباح؟ الذي يقتل عند الحاجة؛ لأنه جاء النهي عن قتل الحيوان إلا لمأكلة، يعني للأكل، فلا يقتل الحيوان عبث، فإذا نهي عن قتله مطلقاً دل على أنه لا يجوز أكله، وإذا أمر بقتله مطلقاً دل على أنه لا يجوز أكله.
"وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قتل أربع من الدواب: النملة" النملة لا تقتل، لكن إذا آذت فإنها تقتل، ونبي من الأنبياء آذته نملة فلسعته فأمر ما حوله من النمل أن يتلف، وعوتب على ذلك، مما يدل على أن الأصل أنه لا يقتل، لكن ما يؤذي كما يقرر أهل العلم أن ما آذى طبعاً قتل شرعاً.
النملة التي تؤذيك تقتلها، وجاء النهي عنها في هذا الحديث.