للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

((ومن أمة محمد)) لو قال شخص: النبي -عليه الصلاة والسلام- ضحى عن أمته، ومن باب مقابلة الإحسان بالإحسان أريد أن أضحي عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- كما ضحى عنا نضحي عنه، ووجد في بعض الوصايا من أوصى بأضاحي لآدم ولحواء ولمحمد -عليه الصلاة والسلام-، ولفلان من الناس من له عليه حق، وجد من يضحي عن الإمام أحمد، وعن شيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ محمد بن عبد الوهاب، يوجد من يضحي، وكل يضحي عن من أعجبه أو وصل إليه نفعه.

المقصود أن هذا قال: النبي -عليه الصلاة والسلام- ضحى عن أمة محمد، ومن باب الجزاء والإحسان إلى الإحسان أحسن إلينا فنحسن إليه، هل يسوغ أن يضحى عن النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ لا، لماذا؟ لأن هذا شيء لم يفعله سلف هذه الأمة، ما ضحى أبو بكر ولا عمر عن محمد -عليه الصلاة والسلام-.

والأمر الثاني: أن هذه الأضحية التي تذبحها عنك وعن أهل بيتك لمحمد -عليه الصلاة والسلام- مثل أجرك؛ لأنه هو الذي دلك على هذا الخير، ومن دل على هدى كان له مثل أجر فاعله، فالتضحية عنه -عليه الصلاة والسلام- بدعة وإن فعله بعض الناس.

قال -رحمه الله-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من كان له سعة ولم يضح، فلا يقربن مصلانا)) رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الحاكم، لكن رجح الأئمة غيره وقفه" صححه الحاكم مرفوعاً إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وغيره من الأئمة رجحوا الوقف، ابن حجر ينقل عن الأئمة هنا، وقال في الفتح: الموقوف أشبه بالصواب.

((من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا)) هذا من أدلة من يقول بوجوب الأضحية، وهو قول أبي حنيفة استدلالاً بمثل هذا، وبقوله -جل وعلا-: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(٢) سورة الكوثر] الصلاة هنا صلاة العيد، والنحر نحر الأضحية، وهذا قول أبي حنيفة، وجمهور أهل العلم على أن الأضحية سنة مؤكدة، لا تصل إلى حد الوجوب، ولا يأثم من تركها، لكنه حرم خيراً عظيماً.