يعني في الحديث السابق:((لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان)) ماذا عن تولية من عرف بشدة الغضب، أو سرعة الغضب في هذا المرفق العظيم؟
عرفنا أنه في الحديث السابق إذا حكم الحاكم فاجتهد أن الاجتهاد مطلوب للقاضي، وهو قيد وجودي، ونأخذ من هذا الحديث:((لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان)) أن الغضب مطلوب عدمه، فلا يصل للقضاء من هو سريع الغضب، أو شديد الغضب، وكل شيء يثيره؛ لأن هذا يؤثر في نظره في القضايا، ومن ثم على أحكام هذه القضايا، والغضب خصلة مذمومة، ووصية النبي -عليه الصلاة والسلام- لمن استوصاه قال له:((لا تغضب)) وكررها مراراً، لكن قد يقول بعض الناس: أنا مجبول على هذا، فما الحيلة؟ نقول: كما أن العلم بالتعلم كذلك الحلم بالتحلم، إذا وطنت نفسك على التحلم صرت حليماً؛ لأن هذه الملكات وهذه الغرائز منها ما هو غريزي، جبلي، جبل عليه الإنسان، ومنها ما هو مكتسب، فإذا فات الغريزي الجبلي من أصل الخلقة إذا فات هذا لا يفوت الثاني المكتسب، وهو الذي فيه المدح والذم؛ لأن مناط المدح والذم في الأفعال الاختيارية التي للإنسان أن يفعل، وله أن يترك، أما الأفعال الإجبارية فإنها ليست بمناط للذم ولا للمدح.
قال -رحمه الله-: "وعن علي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للأول حتى تسمع كلام الآخر)) " الآخَر الذي هو الثاني، والآخِر الذي هو الأخير مقابل للأول، فلو قلت: حتى تسمع كلام الآخَر أو الآخِر المعنى واضح، ولا فرق بينهما هنا.
يفرقون في التقويم فيقولون مثلاً: جمادى الآخرة، وربيع الثاني أليس كذلك؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لماذا؟ والعادة أن الثاني إذا كان هناك ثالث، وإذا لم يكن هناك ثالث قالوا: الآخر، يعني أول وآخر، كما في المقابلة في الأسماء الحسنى {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ} [(٣) سورة الحديد].
ربيع الأول ربيع الثاني، جمادى الأولى جمادى الآخرة، لماذا فرقوا بينهما؟ هل في ربيع ثالث؟ أو نقول: هو مجرد تفنن؟ الجواب؟ في جواب؟