للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعني لوقوعه في آخر فصل الشتاء؟ هذا ليس بمطرد، يعني جمادى الآخرة الماضي في فصل الشتاء أو في عز الصيف؟ في شدة الصيف اللي يظهر أنه مجرد تفنن، يعني لئلا يكثر الثاني الثاني، الآخر الآخر، مجرد تفنن في العبارة، والمعنى واضح.

((إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للأول حتى تسمع كلام الآخر)) لا يجوز للقاضي أن يحكم لأحد الخصمين بمجرد سماع كلامه؛ لأنه قد يكون عند الثاني ما يدفع الدعوى، فإذا سمع كلام المدعي، وسمع كلام المدعى عليه، إن اعترف فلا يحتاج إلى بينة، إن أنكر طلبت البينة من المدعي، إذا كانت البينة مقنعة مرضية يثبت بها الحق حكم بها، وإن كانت البينة غير مقنعة ووجودها مثل عدمها فإنه يتجه إلى المدعى عليه، ويطلب منه اليمين؛ لأن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر.

ثم بعد ذلك إن نكل المدعى عليه عن اليمين إذا قال المدعي: ليست لي بينة، عاد القاضي إلى المدعى عليه وطلب منه اليمين، إن نكل هل يقضى عليه بالنكول، ويحكم عليه بلزوم الحق وثبوته؟ أو يقال له: تقبل يمين المدعي؟ وهذا ما يعرف برد اليمين.

ومالك -رحمه الله- قال: إنه لا يعلم أحد قال برد اليمين على المدعي، مع أن ممن قال به قضاة عصره ابن أبي ليلى وابن شبرمة، فالمسألة خلافية هل يحكم عليه بمجرد النكول، أو تطلب اليمين من المدعي فترد عليه؟ مسألة خلافية بين أهل العلم.

إن سكت المدعى عليه قال له: ماذا تقول؟ سكت، هل يحكم عليه بمجرد هذا السكوت، أو ذكر شيئاً مثل السكوت، قال: لا أعترف ولا أنكر، منهم من يقول: يحكم عليه كما يحكم على الغائب، ومنهم من يقول: يحبس حتى يعترف أو ينكر.

الحكم على الغائب مسألة خلافية بين أهل العلم فأبو حنيفة يقول: لا يحكم عليه مطلقاً حتى يحضر، طيب، لكن بعض المدعى عليهم قد يتخذ الغياب ذريعة لضياع الحق، فيختفي، أو يسافر إلى بلد لا يمكن إحضاره منه، ولا يمكن استخلاف من قاضٍ إلى قاضٍ، فمن أجل أن يضيع الحق يسافر أو يختفي حتى يظن أن الدعوى تركت، فمن أهل العلم وهم الجمهور يقولون: يقضى عليه، تضرب له مدة إن حضر وإلا يقضى عليه، فإذا حضر بعد ذلك فأثبت ما ينفي هذه الدعوى عمل بها، وإلا نفذ الحكم، وهذا قول الأكثر.