((ينذرون ولا يوفون)) النذر معروف مقرر عند أهل العلم أنه مكروه، ويستخرج به من البخيل، إلزام المسلم نفسه شيئاً ليس بلازم، وإيجابه على نفسه أمر لا يجب عليه في أصل الشرع إنما يفعل ذلك البخيل الذي لا يعمل إلا إذا ألزم نفسه، لا يلتزم إلا إذا ألزم نفسه، لكن الوفاء به إذا كان نذر طاعة يجب الوفاء به، يجب الوفاء به، ويقرر أهل العلم أن النذر باب من العلم غريب، وسيلته مكروهة وغايته واجبة؛ لأن الوسائل لها أحكام الغايات، أحكام المقاصد، هذه من قواعد الدين، لكن في هذا الباب الوسيلة مكروهة والغاية واجبة، فإذا لم يف بنذره، وقد أمر بالوفاء بالعقود والعهود والنذور ((أوف بنذرك)) ((من نذر أن يطيع الله فليطعه)) يكثر من ينذر ولا يفي، بعض الناس يلزم نفسه يقول: إذا جاء آخر الشهر واستلمنا الراتب سوف أتصدق بمائة ريال، هذا لا يخلو إما أن يقترن بيمين أو لا يقترن، فإن اقترن باليمين دخل في حكم {وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللهَ} [(٧٥) سورة التوبة] وإن لم يقترن بيمين فهو مجرد وعد، لا يثبت إلا بالقبض، لكن الوفاء بالوعد مطلوب، وأمره أخف مما لو اقترن بيمين، أو جاء على صيغة النذر الذي يلزم الوفاء به.
((ويظهر فيهم السمن)) البدانة تظهر في المتأخرين بكثرة، التنعم والترف، لا يوجد في سلف هذه الأمة، إنما فتحت الدنيا على من بعدهم، وكان السمن نادر في صدر هذه الأمة وفي خيارها، والسمن نتيجة للشره في الأكل والشرب والراحة، وهذا لا شك أنه يعوق عن تحصيل كثير من مصالح الدين، لكن بعض الناس خلقة يركبه اللحم والشحم من غير قصد، ومن غير أكل، تجد الأكل قليل جداً، ومع ذلك الوزن يزيد، وبعض الناس يأكل كثيراً ووزنه ينقص، مثل هذا ليس بيد الإنسان، إنما المراد به ذم الترف، وذم الشره في الأكل والشرب والراحة.