التفضيل في قوله:((خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)) تفضيل أفراد في القرن الأول الذين هم صحابة النبي -عليه الصلاة والسلام-، التفضيل أفراد عند عامة أهل العلم، وأن أدنى الصحابة منزلة أفضل من أفضل التابعين، ومنهم من يقول: التفضيل بين الصحابة والتابعين تفضيل إجمالي جملي، كالتفضيل بين التابعين وتابعيهم، وإلى هذا يميل ابن عبد البر، وعلى هذا قد يوجد في من بعد الصحابة من هو أفضل من بعض الصحابة، ولكن جماهير أهل العلم أن فضل الصحبة شرف لا يناله من جاء بعدهم، مهما عمل من الأعمال، ومهما بلغ من الفضل والعلم.
يستدل ابن عبد البر، ومن يقول بقوله بحديث:((أمتي كالغيث لا يدرى أوله خير أم آخره)) وأيضاً ما ثبت للمتمسك بالدين والسنة في آخر الزمان من أن للواحد منهم أجر خمسين، قيل: منهم يا رسول الله؟ قال:((لا، منكم)) يدل على أنه يوجد في آخر الأمة من هو أفضل من بعض الصحابة، هذا ما يقرره ابن عبد البر، ولكن عامة أهل العلم على أن أدنى الصحابة منزلة أفضل من أفضل التابعين، والتفضيل إفرادي كل فرد فرد، وليس إجمالي كما هو شأن التفضيل بين التابعين وتابعيهم؛ لأن هذا الشرف بصحبته -عليه الصلاة والسلام- لا يمكن أن يناله أحد، وحديث المتمسك بالدين والعامل به في آخر الزمان له أجر خمسين بالنسبة لأجر العمل الذي يرتب عليه لقلة الأعوان، يكون له هذا الأجر، ويبقى أجر صحبة وشرف الصحبة لا يمكن أن يناله أحد، وهو بمفرده يرجح بجميع أعمال من جاء بعد الصحابة.
بالنسبة للتابعين وتابعيهم إجمالي؛ لأنه قد يوجد في تابعي التابعين من هو أفضل من بعض التابعين؛ لأن شرف الصحبة خاص بالصحابة.