هذا الذي حلف على الكتاب بناءً على غلبة ظنه، ثم تبين أن الكتاب ليس له، هل هو فيها فاجر وإلا ليس بفاجر؟ هو في الحقيقة أثناء الحلف ليس بفاجر فيها، لكن إن استمر بعد أن تبين له حقيقة الأمر، دخل في الوعيد -نسأل الله السلامة والعافية-، وإن أخذه بحكم حاكم فيدخل في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فإنما أقتطع له قطعة من نار)).
هذا يقول: أشكل علي قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة)) مع أن اقتطاع حق امرئ مسلم بيمينه لا يصل إلى حد الكفر، ومعلوم أن جميع الذنوب دون الشرك تحت المشيئة، فكيف التوفيق؟
مثل هذا يقال: إنه محمول على من استحل ذلك، أو محمول على الزجر والتهديد والوعيد، ولا يراد به حقيقة التحريم المذكور، وهذا من نصوص الوعيد التي يقرر أهل العلم أنها تمر كما جاءت؛ لتكون أبلغ في الزجر، فلا تصل إلى حد الخروج من الملة بحيث يخلد في النار.
قال -رحمه الله-: "وعن أبى موسى الأشعري -رضي الله تعالى عنه- أن رجلين اختصما إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في دابة ليس لواحد منهما بينة فقضى بها بينهما نصفين"، "فقضى بها بينهما نصفين" وهذا مثل الحديث السابق "عرض على قوم اليمين فأسرعوا، فأمر أن يسهم بينهم في اليمن أيهم يحلف؟ " هذه قرعة، وهنا قال في هذا الحديث -ذاك في البخاري- وهنا قال في الحديث:"أن رجلين اختصما إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في دابة ليس لواحد منهما بينة فقضى بها بينهما نصفين".