ومنهم من يقول: إن التغليظ إذا كان يجدي في كف المدعى عليه عن اليمين الكاذبة؛ لأنه إذا كان صادقاً مهما غلظ عليه اليمين لا ضير عليه ولا إثم، إذا كان محق في إنكاره ما يمنعه أن يحلف على المنبر، أو بين الركن والمقام، أو عصر الجمعة، لكن إن كان كاذباً ويزدجر ويمتنع يرى بعض أهل العلم أنه تغلظ عليه اليمين.
قال -رحمه الله-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم)) " الحصر في ثلاثة، الأسلوب ليس فيه حصر، ولا يدل على أن هذا الحكم خاص بهؤلاء الثلاثة؛ لأنه جاء .. ما أوصلهم بعض أهل العلم إلى عشرة، قيل فيهم:((لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم)) بخلاف الحصر في حديث: ((لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة)) هذا حصر، ومع ذلك جاء في نصوص صحيحة صريحة أنه تكلم غير الثلاثة، وصلوا إلى سبعة.
الأسلوب الذي معنا ليس فيه حصر ((ثلاثة لا يكلمهم)) وأيضاً رابع وخامس إلى عاشر، ما في إشكال، لكن الإشكال في أسلوب الحصر، وهو في الصحيح ((لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة)) يقول أهل العلم: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- أخبر أول الأمر بالثلاثة، ثم زيد عليهم فيما بعد، خلافاً لمن أساء الأدب من الشراح فقال: في هذا الحصر نظر، المسكين هذا ينظر في كلام من؟ في كلام الرسول -عليه الصلاة والسلام-، هذا إن كان يعي ما يقول فهي هفوة عظيمة، موبقة، -نسأل الله السلامة والعافية-، وإن كان جرى على لسانه من غير روية فهذه غفلة.
على كل حال:((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم)) من هم؟ ((رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل)) لا يجوز له أن يمنع ابن السبيل من الماء المشاع الذي الناس شركاء فيه، الناس شركاء في مثل هذا الماء المشاع، لكن لو نقله، وتعب عليه، وأحرزه، وعباه في أواني، وحازه إلى رحله صار ملكاً له، وما دام بالفلاة لا يجوز له أن يمنعه من ابن السبيل.