قد يقول قائل: كيف يؤمر بالحلف بمعظم غير الله -جل وعلا-؟ نقول: لا يجوز للقاضي أن يحلّف بغير الله -جل وعلا-؛ لأن الحلف بغير الله شرك، لكن قد يدرج في يمينه بالله -جل وعلا- جملاً يهابها الحالف، شخص من الذين يعظمون البقر ادعي عليه، فأنكر، فطلب منه اليمين يحلف، ما يتردد؛ لأنه كما قال في حديث القسامة يهود يعني يحلفون ما عندهم إشكال، فقال له القاضي بعد أن وضع السكين في يده، فقال: قل: ورب البررة، ربهم الله -جل وعلا-، ما في إشكال، مهلك الفجرة، هو الله -جل وعلا-، فاليمين بالله، ورب البررة مهلك الفجرة لئن كان صادقاً لآخذن هذه السكين وأذبح البقرة، قال: يمين يحلف، بقرة ما يذبح، هذا نوع من التغليظ، فهل يسوغ مثل هذا أو لا يسوغ؟ هو ما ارتكب محظور، القاضي ما ارتكب محظور، الحلف بالله -جل وعلا-، إما أن يحلفه بمعظم عنده فلا يجوز بحال؛ لأن بعضهم قد يلجأ إلى التحليف بالطلاق، إن كنت كاذباً فامرأته طالق، لا يجوز، ولا شيء أعظم من الله -جل وعلا-، تعليق الطلاق بمثل هذه الصور يسميه أهل العلم الحلف بالطلاق، لكنه ليس من الحلف الذي فيه الشرك؛ لأنه ليس فيه حرف من حروف القسم، لكن يسمونه يمين أو حلف باعتبار أنه يلزمه فيه كفارة اليمين؛ لأن القصد منه الحث والمنع مثل اليمين.
التغليظ بالنسبة للزمان بعد العصر، وقالوا: ليلة الجمعة، وأولى من ذلك عصر الجمعة الذي فيه ساعة الاستجابة، وأيضاً في المواسم، في عشر ذي الحجة، في الأشهر الحرم، كل هذه فيها نوع تغليظ، فإذا كان الحالف، أو من أراد الحلف يسهل عليه أن يحلف بالله كاذباً، ويصعب عليه أن يحلف بين الركن والمقام مثلاً يخشى من العقوبة، أو يحلف على المنبر كما في هذا الحديث:((من حلف على منبري هذا بيمين آثمة تبوأ مقعده من النار)) منهم من يقول: إن التغليظ هذا لا أثر له، العبرة بالحلف بالله -جل وعلا-، وهذا هو المطلوب ((اليمين على من أنكر)).