كل واحد منهما مدعي ومدعى عليه؛ لأن العين ليست بيد واحد منهما، نقول: واحد مدعي وواحد مدعى عليه، لا، العين بيد ثالث، فكل واحد منهما مدعي تلزمه البينة، وكل واحد منهما مدعىً عليه فيلزمه اليمين؛ لأنه يدعيها لنفسه، وينكر دعوى صاحبه عليه، وحينئذٍ لو طُلب منهما البينة، وقال كل واحد: ليس لدي بينة، ثم طلبت اليمين من واحد منهما فحلف، والثاني نكل حكم بها للذي يحلف، ما فيها إشكال هذا، لكن كل واحد منهما حلف، فإما أن تقسم بينهما نصفين، أو يلجأ إلى القرعة، إذا لم يرضيا بالقسمة.
قال -رحمه الله-: "وعن جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((من حلف على منبري هذا بيمين آثمة تبوأ مقعده من النار)) رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان".
هذا فيه تغليظ اليمين، والتغليظ قد يكون بالنسبة للمكان كما هنا، وبجوار الكعبة بين الركن والمقام، أو في المتلزم بين الركن والباب، وقد يكون في الزمان بعد العصر مثلاً، لا سيما عصر الجمعة، أو في رمضان المقصود أن هذا يسمى تغليظ الحلف.
قال:((من حلف على منبري هذا بيمين آثمة تبوأ مقعده من النار)) ((بيمين آثمة)) إذا لم يحصل التغليظ ((لقي الله وهو عليه غضبان)) إذا اقتطع بها حق مسلم ((حرم الله عليه الجنة)) كما في الحديثين السابقين، هنا زيادة تغليظ ((من حلف على منبري)) منبر النبي -عليه الصلاة والسلام- ((بيمين آثمة)) تغليظ اليمين بعض الناس عرف أنه يتساهل في اليمين، ويسرع إليها، وكلما طلبت منه حلف، هل يشرع تغليظ اليمين عليه أو لا يشرع؟ من أهل العلم من يرى أنه إذا كان يردع هذا الشخص الذي يسرع إلى اليمين، ولا يتردد فيها التغليظ فإنه يغلظ عليه، ويلزم بالمكان الفاضل أو الزمان الفاضل، أو يلزم بالدعاء على نفسه، أو يفتح المصحف كما يقول بعضهم، فيكون الأمر بالنسبة إليه أشد، وبعض الناس ينزجر إذا غلظ عليه اليمين، وكل على مذهبه وطريقته فيما يعظمه، فإذا غلظ عليه بما هو عظيم عنده ارتدع.