حمنة بنت جحش "قالت: "كنت أستحاض حيضة كبيرة شديدة" بحيث كانت تقول: إنها "تثج ثجاً"، "فأتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- أستفتيه, فقال:((إنما هي ركضة من الشيطان, فتحيضي ستة أيام أو سبعة, ثم اغتسلي, فإذا استنقأتِ فصلي أربعة وعشرين)) يعني إن تحيضت ستة أيام ((أو ثلاثة وعشرين)) إن تحيضت سبعة ((وصومي وصلي)) يعني في بقية الأيام ((صومي وصلي، فإن ذلك يجزئك, وكذلك فافعلي كما تحيض النساء، فإن قويت)) هذا مفسر ((فإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر)) هذا يبين لنا أن المراد بالجمع في الحديث السابق الظهر والعصر والمغرب والعشاء جمع حقيقي وإلا صوري؟ صوري، ((فإن قويتِ على أن تؤخري الظهر إلى آخر وقتها، وتعجلي العصر)) يعني إلى أول وقتها بحيث لا يكون بينهما فاصل، نعم بحيث لا يكون بينهما فاصل ((ثم تغتسلين حين تطهرين، وتصلي الظهر والعصر جميعاً, ثم تؤخرين المغرب وتعجلين العشاء, ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين)) هذا من أجل التخفيف عليها ((فافعلي وتغتسلين مع الصبح وتصلين)) نعم مثل هذه التي يشق عليها الغسل وإن لم يكن واجباً، إحنا قررنا أن الغسل واجب وإلا مستحب؟ مستحب للجمع بين النصوص، ((ثم توضئي لكل صلاة)) ألا يمكن أن يقال: إنه ليس بينهما تعارض؟ فالأمر بالغسل لا يعني ارتفاع الأمر بالوضوء، والأمر بالوضوء لكل صلاة يعني تتوضأ خمس مرات لا ينفي أن تؤمر بالغسل ثلاث مرات، ولعل هذا هو معتمد من يوجب الغسل.
أولاً: حديث: ((توضئي لكل صلاة)) أرجح وأصح، والحديثان مقبولان، يعني أقل ما قيل فيهما الحسن، نعم حديث أسماء بنت عميس وحديث حمنة وفيه الأمر بالغسل، وهذا يشهد لهذا، فيرتقيان إلى درجة الصحة هنا الصحيح لغيره، وعلى كل حال الجمع السابق وجيه، يعني يكون الأمر بالغسل للاستحباب والصارف له الأمر بالوضوء، لكن قد يقول قائل: إنه لا تعارض، فكونها تؤمر بغسل لا يعني أنها لا تؤمر بالوضوء ولا العكس، فيجمع بينهما، بين الوضوء والغسل.