للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووجه الإشكال أنه حكم على الحديث بأنه يقصر عن الصحيح بكونه حسناً، ثم أعطاه الدرجة العليا فحكم عليه بالصحة، يعني هذا مع اتحاد الجهة لا شك أنه مشكل، يعني كما لو تسأل طالب نجح في الامتحان تقول له: ويش تقديرك؟ يقول: جيد جداً ممتاز، يجي وإلا ما يجي؟ مع اتحاد الجهة ما يمكن يجي، لكن مع اختلاف الجهة ممكن، التقدير العام جيد جداً، وتقديره في التخصص ممتاز، يمكن يجي، هنا مع انفكاك الجهة يمكن يجي، كيف؟ هذا إذا كان للحديث أكثر من إسناد فلا إشكال، يكون بإسناد حسن، وبإسناد آخر صحيح، أما إذا لم يكن له إلا إسناد واحد فهل يمكن أن تنفك الجهة؟ سيما إذا قال الترمذي: حسن صحيح غريب؟ نقول: يمكن أن تنفك الجهة، كيف؟ نقول: هو حسن عند قوم، وصحيح عند آخرين، وغاية ما هنالك أن يقول الترمذي: حسن أو صحيح، وفي الصورة الأولى غاية ما هنالك أن يقول: حسن وصحيح، حسن باعتبار، صحيح باعتبار، وهنا حسن عند قوم، وصحيح عند قوم، فيكون متردد في حكمه.

وعلى القول الأول إذا كان له أكثر من إسناد فهو أقوى مما لو قال الترمذي: صحيح، وعلى الاحتمال الثاني أقل مما لو جزم بصحته فقط؛ لأن ما تردد في تصحيحيه أقل مما جزم بتصحيحه وهكذا، ولا نريد أن نطيل لكن هذه يستفيد منها طالب العلم.

"سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخمر تتخذ خلاً؟ " مطابقة الحديث للباب أن الخمرة عنده نجسة، وهذا قول جماهير أهل العلم، حتى نقل عليه الاتفاق، هي نجسة {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ} [(٩٠) سورة المائدة] يستدل بهذا من يقول بنجاسته، ويستدل بالأمر بإراقتها، وهناك أدلة أخرى لكنها عند آخرين لا تنهض إلى أن تكون حجة قاطعة في المسألة، ولذا يرى بعض أهل العلم طهارة الخمر، والاستدلال بالآية ليس المراد بالرجس النجس هنا بدليل الأنصاب والأزلام نجسة وإلا لا؟ نعم، ليست نجسة.