للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخمر". . . . . . . . . الحافظ عرفنا في هذا الباب لأنه يرى نجاسته، وهو قول جمهور أهل العلم، وفي حكمه ما يسكر من الكحول وغيرها، ويدخل في تركيب كثير من العطور الكحول، فالورع، أقول: الورع اجتناب ما خالطته هذه الأشياء، وإن كان الدليل لا ينهض على تنجيسها، لكن هيبة لجمهور أهل العلم.

"سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخمر تتخذ خلاً؟ " يعني هل يمكن أن تخلل؟ تعالج حتى تنتقل من كونها خمر مسكرة إلى طور آخر؟ وهي تكون خل إدام ممدوح، ((نعم الإدام الخل)) "فقال: ((لا)) " يعني لا تتخذ الخرم خلاً، وفي هذا دليل على تحريم تخليل الخمر، بل المتعين على صحابه إراقتها، ويتوب إلى الله -سبحانه وتعالى- ويندم على ما صنع، ويعزم على ألا يعود ويريقه، كما حصل في عصره -عليه الصلاة والسلام- لما نزل تحريم الخمر أريقت وجرت في سككك المدينة كما هو معروف.

"فقال: ((لا)) " فلا يجوز تخليلها، لكن لو تخللت بنفسها؟ تخللت بنفسها من غير فعل آدمي، فالجمهور على أنها تحل، انتقلت من كونها حرام إلى كونها حلال، كما أنها في الأصل حلال لما كانت عنب أو تمر ثم صارت حرام، إذا تخللت بنفسها فلا إشكال عند جمهور أهل العلم، وإذا خللت بفعل آدمي فإنها لا يجوز أولاً تخليلها، ثم إنها هل تستعمل إذا صارت خلاً بفعل آدمي مع التحريم؟ أو لا يجوز استعمالها أيضاً؟ لفظ الحديث عمومه يقتضي المنع من تخليلها، والمنع من عموم اتخاذها، المنع أن تتخذ، اللفظ شامل للتخليل وللاتخاذ الذي هو سائر الاستعمال، وبعض أهل العلم يرى أنها إذا تخللت بنفسها بغير فعل آدمي أنها انقلبت عينها من طور إلى طور، ورجعت إلى الطهارة، وجواز الاستعمال، لكن لا إشكال في النهي، والمنع من التخليل بفعل الآدمي، وأما الاستعمال إذا صارت خلاً بنفسها فلا إشكال فيه أيضاً، وإذا صارت خلاً بتخليل الآدمي لها، هل يجوز استعمالها؟ الورع تركها؛ لأن كلمة الاتخاذ أعم من التخليل، فكلمة تتخذ بعمومها تتناول الاستعمال.

الحديث الثاني.