عامة أهل العلم على تقديم الوضوء، فهذا يدل على أن ملاحظة الوضوء ورفع الحدث بالماء مقدم على ستر العورة، مقدم على الوقت، لكن الذي يتصور تعارضه مع الوضوء الوقت، فإذا أمكن أن يصلي بطهارة كاملة بالماء لكن مع خروج الوقت، أو مع خوف خروج الوقت، أو أمكن إدراك الوقت مع الإخلال بالطهارة، فالجمهور على أنه يحصل الطهارة، ولو خرج عليه الوقت، ولذا يقدمون كتاب الطهارة على المواقيت، فالإمام مالك -رحمه الله تعالى- يرى أن تحصيل الوقت مقدم على الطهارة، وعلى هذا من استيقظ من نومه وهو جنب وقد بقي من الوقت ما لا يسع الاغتسال مع الصلاة هل نقول له: تيمم وحصل الوقت صلِ قبل الصلاة؟ أو نقول: اغتسل ولو خرج الوقت؟ نعم، عند الأكثر يغتسل، والجمهور يغتسل ولو خرج الوقت، والإمام مالك بدأ في موطئه بالمواقيت، ولا شك أن المواقيت شرط من شروط الصلاة {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} [(١٠٣) سورة النساء] وجاء تحديد هذه المواقيت على ما سيأتي في السنة بينت بياناً شافياً كافياً، لكن يبقى أن الوضوء شرط من أعظم شروط الصلاة.
الحديث الذي أشرنا إليه في صحيح مسلم أول حديث في الصحيح، ابن عمر زاد: زار عبد الله بن عامر أو عاده وهو مريض، فطلب منه أن يدعو له، فقال له:"لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول، وكنت على البصرة" يعني كنت والياً على البصرة، كنت والياً على البصرة، والولاية مظنة لهذا الأمر، مظنة للغلول؛ لأنه لا رقيب عليه إلا الله -سبحانه وتعالى-، وإذا ترك بين النفس وبين المال فإنه قد تسول له هذه النفس أخذ شيء من المال بتأويل أو غير تأويل، فقال له:"وكنت على البصرة" يعني اجعل حرصك على براءة ذمتك من هذا الغلول.