للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوضوء ورد في فضله أحاديث كثيرة ((إذا توضأ العبد المسلم خرجت خطاياه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء)) وفي معنى ذلك أحاديث كثيرة، وهل الوضوء من خصائص هذه الأمة أو هو موجود في من قبلها؟ الصواب أن الوضوء ليس من خصائص هذه الأمة؛ لأن جريجاً كما في الحديث الصحيح توضأ، وزوجة إبراهيم -عليه السلام- توضأت حينما أرادها الجبار، فالوضوء ليس من خصائص هذه الأمة، إنما الذي هو من خصائص هذه الأمة الغرة والتحجيل، فمعلوم أن الصلاة إنما فرضت بمكة ليلة الإسراء، ولم يأتِ دليل يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى صلاة بغير طهارة، كما أنه لم يرد دليل على أنه توضأ قبل الهجرة.

على كل حال الأمر في هذا سهل؛ لأن العمل الشرعي تابع للنصوص، فمتى جاءت النصوص لزم العمل بها، وسواءً تأخر فرض الوضوء أو تقدم، لكن لم ينقل عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه صلى صلاة بغير طهارة.

حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء)) مناسبته لكتاب الوضوء، أو لباب الوضوء ظاهرة، استعمال السواك مع الوضوء.

"أخرجه مالك -في الموطأ- وأحمد -في المسند- والنسائي، وصححه ابن خزيمة -ورواه في صحيحه- وذكره البخاري تعليقاً" وذكره البخاري تعليقاً، والمعلق عند أهل العلم ما حذف من مبادئ إسناده راوٍ أو أكثر من راوي، ولو حذف جميع الإسناد.

وأن يكن أول الإسناد حذف ... مع صيغة الجزم فتعليقاً عرف

ولو إلى أخره أما الذي ... لشيخه عزا بقال فكذي

إلى آخره.

المقصود أن المعلق ما حذف من مبادئ إسناده راوي أو أكثر تعليقاً مجزوماً به، ومع كونه معلق في الصحيح جاء مجزوماً به، وصنيع الحافظ -رحمه الله تعالى- أن الحديث لم يخرج في الصحيحين بالإسناد المتصل، وإنما ذكر هكذا معلقاً، هو مخرج في الصحيحين في الأحاديث الأصول، لكن بدل قوله: ((مع كل وضوء)) ((مع كل صلاة)) ((لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة)) والحديث مثل به للصحيح لغيره، إذا كان الحديث حسناً ثم جاء من طرق أخرى ارتقى إلى درجة الصحيح لغيره، ولهذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:

والحسن المشهور بالعدالة ... والصدق راويه إذا أتى له