واعلمْ أَنك إنْ عمَدْت إلى الفاعل والمفعول، فأخَّرْتَهما جميعاً إلى ما بَعْد (إلاَّ) فإنَّ الاختصاصَ يقَعُ حينئذٍ في الذي يلي "إلا" منهما. فإذا قلتَ:(ما ضرَبَ إلاَّ عمرو زيداً): كان الاختصاصُ في الفاعل، وكان المعنى أنك قلت: إنَّ الضاربَ عمرو لا غيرُه؛ وإن قلْتَ:(ما ضرب إلا زيداً عمرو)، كان الاختصاصُ في المفعول، وكان المعنى أنك قلتَ: إن المضروبَ زيدٌ لا مَنْ سواه. وحُكْم المفعولين حكْمُ الفاعلِ والمفعولِ فيما ذكرتُ لك. تقول:(لم يكْسُ إلاَّ زيداً جُبَّةً). فيكونُ المعنى أنه خَصَّ زِيداً من بين الناس بكُسوةِ الجُبَّة. فإن قلْتَ:(لم يَكْسُ إلا جبَّةً زيداً): كان المعنى أنه خَصَّ الجبَّةَ من أصناف الكُسْوة. وكذلك الحكُم حيثُ يكونُ بدلَ أحدِ المفعولين جارٌّ ومجرور، كقول السيد الحميري [من السريع]:
لو خُيِّر المِنْبرُ فرْسانَه ... ما اختار إلاَّ منكُمُ فارساً
الاختصاص في "منكم" دون "فارساً"، ولو قلتَ: (ما اختارَ إلاَّ فارساً منكم": صار الاختصاصُ في "فارسا".