وإنما لزمت أم ههنا لأنك تريد معنى أيَّهما. ألا ترى أنَّك تقول: ما أبالي أي ذلك كان، وسواءٌ عليَّ أي ذلك كان، فالمعنى واحد، وأي ههنا تحسن وتجوز كم جازت في المسألة.
ومثل ذلك: ما أدري أزيدٌ ثمَّ أم عمروٌ، وليت شعري أزيدٌ ثمَّ أم عمروٌ، فإنَّما أوقعت أم ههنا كما أوقعته في الذي قبله؛ لأن ذا يجري على حرف الاستفهام حيث استوى علمك فيهما كما جرى الأول. ألا ترى أنك تقول، ليت شعري أيهما ثم، وما أدري أيهما ثمَّ، فيجوز أيهما ويحسن، كما جاز في قولك: أيهما ثمَّ.
وتقول: أضربت زيداً أم قتلته، فالبدء ههنا بالفعل أحسن، لأنك إنما تسأل عن أحدهما لا تدري أيهما كان، ولا تسأل عن موضع أحدهما، فالبدء بالفعل ههنا أحسن، كما كان البدء بالاسم ثمَّ فيما ذكرنا أحسن كأنك قلت: أي ذاك كان بزيدٍ. وتقول: أضربت أم قتلت زيداً لأنك مدَّعٍ أحد الفعلين: ولا تدري أيهما هو، كأنك قلت: أي ذاك كان بزيد.
وتقول: ما أدري أقام أم قعد، إذا أردت: ما أدري أيهما كان. وتقول: ما أدري أقام أو قعد، إذا أردت: أنه لم يكن بين قيامه وقعوده شيءٌ، كأنه قال: لا أدَّعي أنه كان منه في تلك الحال قيامٌ ولا قعودٌ بعد