اللذين تضع لسانك لهما موضعاً واحداً لا يزول عنه وقد بينا أمرهما إذا كانا من كلمة لا يفترقان. وإنما نبينهما في الانفصال.
فأحسن ما يكون الإدغام في الحرفين المتحركين اللذين هما سواءٌ إذا كانا منفصلين، أن تتوالى خمسة أحرف متحركة بهما فصاعداً. ألا ترى أن بنات الخمسة وما كانت عدته خمسةً لا تتوالى حروفها متحركةً، استثقالاً للمتحركات مع هذه العدة، ولابد من ساكن. وقد تتوالى الأربعة متحركة في مثل علبطٍ؛ ولا يكون ذلك في غير المحذوف.
ومما يدلك على أن الإدغام فيما ذكرت لك أحسن أنه لا يتوالى في تأليف الشعر خمسة أحرف متحركة، وذلك نحو قولك: جعل لك وفعل لبيدٌ. والبيان في كل هذا عربيٌّ جيد حجازيٌّ.
ولم يكن هذا بمنزلة قد واحمر ونحو ذلك، لأن الحرف المنفصل لا يلزمه أن يكون بعده الذي هو مثله سواءً. فإن كان قبل الحرف المتحرك الذي وقع بعده حرفٌ مثله حرفٌ متحرك ليس إلا، وكان بعد الذي هو مثله حرفٌ ساكنٌ حسن الإدغام. وذلك نحو قولك: يدداود، لأنه قصدٌ أن يقع المتحرك بين ساكنين واعتدالٌ منه.
وكلما توالت الحركات أكثر كان الإدغام أحسن. وإن شئت بينت.
وإذا التقى الحرفان المثلاثن اللذان هما سواءٌ متحركين، وقبل الأول حرف مدٍ، فإن الإدغام حسنٌ، لأن حرف المد بمنزلة متحركٍ في الإدغام.