ألا تراهم في غير الانفصال قالوا: رادٌ، وتمود الثوب. وذلك قولك: إن المال لك، وهم يظلموني، وهما يظلماني، وأنت تظلميني. والبيان ههنا يزداد حسناً لسكون ما قبله.
ومما يدلك على أن حرف المد بمنزلة متحرك أنهم إذا حذفوا في بعض القوافي لم يجز أن يكون ما قبل المحذوف إذا حذف الآخر إلا حرف مدٍ ولين، كأنه يعوض ذلك، لأنه حرفٌ ممطولٌ.
وإذا كان قبل الحرف المتحرك الذيبعده حرفٌ مثله سواءٌ، حرفٌ ساكن، لم يجز أن يسكن، ولكنك إن شئت أخفيت، وكان بزنته متحركاً من قبل أن التضعيف لا يلزم في المنفصل كما يلزم في مدقٍ ونحوه مما التضعيف فيه غير منفصل. ألا ترى أنه قد جاز ذلك وحسن أن تبين فيما ذكرنا من نحو جعل لك. فلما كان التضعيف لا يلزم لم يقو عندهم أن يغير له البناء. وذلك قولك: ابن نوحٍ، واسم موسى، لا تدغم هذا. فلو أنهم كانوا يحركون لحذفوا الألف، لأنهم قد استغوا عنها، كما قالوا قتلوا وخطف فلم يقو هذا على تغيير البناء كما لم يقو على أن لا يجوز البيان فيما ذكرت لك.
ومما يدلك على أنه يخفى ويكون بزنة المتحرك قول الشاعر:
وإني بما قد كَلَّفَتْني عَشِيرتي ... مِن الذّبِّ عن أَعْراضِها لَحَقيِقُ