وسمعِنا العرب الموثوقَ بهم يقولون: التُّرابَ لك والعَجَب لك. فتفسيرُ نصبِ هذا كتفسيره حيث كان نكرةً، كأَنّك قلت: حمداً وعجباً، ثم جئت بلَكَ لتبيَّن مَنْ تَعنى، ولم تَجعله مبنيًّا عليه فتبَتدئَهُ.
هذا بابٌ من النكرة
يَجرى مجرى ما فيه الألفُ واللام من المصادر والأسماء
وذلك قولك: سلامٌ عليك ولَبَّيْك، وخيرٌ بين يديك، ووَيْلٌ لك، ووَيْحٌ لك، ووَيْسٌ لك، ووَيلةٌ لك، وعَوْلةٌ لك، وخيْرٌ له، وشرٌّ له، و " لعنة الله على الظالمين ".
فهذه الحروف كلها مبتدأ مبنىٌّ عليها ما بعدها، والمعنى فيهنَّ أنّك ابتدأ شيئاً قد ثَبَتَ عندك، ولَسْتَ فى حال حديثك تعمل في إثباتها وتزجيتها، وفيها ذلك المعنى، كما أنّ حسبُك فيها معنى النهى، وكما أنّ رحمةُ الله عليه فيه معنى رَحِمَه اللهُ. فهذا المعنى فيها، ولم تجعل بمنزلة الحروف التي إذا ذكرته كنتَ فى حال ذكرك إيّاها تَعملُ فى إثباتها وتزجيتها، كما أنَّهم لم يجعلوا سَقْياً ورعيا بمنزلة هذه الحروف، فإنما تجريها كما أجرت العرب، وتضعها في المواضع التى وُضعن فيها، ولا تُدْخِلَنَّ فيها ما لم يُدخِلوا من الحروف. ألا أترى أنَّك لو قلت: طَعاماً لك وشَراباً لك ومالاً لك، تريد معنى سَقْياً، أو معنى المرفوعِ الذى فيه معنى الدعاءِ لم يجز، لأنَّه لم يُستعمَل هذا الكلامُ كما استُعمل ما قبله. فهذا يدلك ويبصرك أنه ينبغي لك أن تجري هذا الحروفَ كما أجرتِ